حوار العلاقات العامة
لا يبدو أن هناك ما يبشر بوصول الفرقاء إلى اتفاق سياسي من خلال الحوار الوطني، القائم بالفعل بين المؤتمر الوطني الحاكم، وبين خصومه السياسيين واضحي الخصومة، وبين القوى السياسية التي رأت أن يكون موقفها هو موقف (محلك سر) دون خطوة إلى الأمام ولا أخرى إلى الخلف.
بعض الأحزاب جادة، لكن الأكثر جدية منها قوى المجتمع المدني المتمثلة في الاتحادات والنقابات المهنية والفئوية والشرائح المجتمعية المختلفة، وقد كانت دعوة السيد رئيس الجمهورية للحوار المجتمعي خطوة صحيحة لسماع رأي القوى الحية، ومن يهمهم أمر البلاد والعباد، بعيداً عن الأجندة الشخصية والخاصة والطموحات الحزبية، والنظرة الإقصائية التي تريد تفكيك النظام (نهائياً) مع حجز مقاعد لها في مراكز قيادة الدولة، دون استحقاقات دستورية أو تفويض شعبي.
لا نتوقع أن يقود الحوار الذي بدأ الآن مع بعض رموز الجبهة الثورية وهي مكوّن مجموع عدد من الحركات المسلحة، التي رأت أن تتوحد في مواجهة نظام الحكم القائم، مع تعزيز تلك الوحدة بكسب اعترافات الغرب والخارج، لتضييق الخناق على النظام في الخرطوم.. كثير من تلك القيادات تعرف أكثر من غيرها أن وجودها وسط القواعد ضعيف، وأن أثرها بين من حملت ألوية التمرد باسمهم لا يكاد يرى، لذلك سيكون أي حوار بينها وبين النظام هو مجرد (لقاء علاقات عامة) تجد نفسها مضطرة للمشاركة فيه حتى لا تنكشف صورتها في أعين الخارج أو في الداخل، وسوف تظل تراوح مكانها دون الوصول إلى نتائج، مثلها مثل بعض القوى السياسية التي تمثلها أحزاب عقائدية أممية أو قومية.
على الدولة أن تذهب إلى آخر الشوط، وألا تقع في فخاخ الخلافات العميقة التي ستؤدي حتماً إلى كتابة النهاية في فصل التفاوض، فالقوى الرافضة للنظام ستتمسك بموقفها خاصة في جانب حل الحكومة الحالية، وتكوين حكومة قومية، وتغيير وتعديل وإلغاء كثير من القوانين التي لا توافق هواها، ناسية ومتناسية أن قوى سياسية ذات وزن وثقل حقيقيين قبلت بالحوار أو عادت إليه بعد مقاطعة لم تستمر طويلاً، مثل حزب الأمة، أو لم ترفضه أصلاً مثل الحزب الاتحادي الديمقراطي بكل مكوناته وأجنحته، إضافة إلى المؤتمر الشعبي وبقية القوى الحزبية التي ترفع شعار الإسلام.
صحيح أن الانتخابات على الأبواب، لكن الفترة كافية لأي حزب يريد أن يخوضها إن كانت له جماهيرية موثوق بها، لكن الذي يبدو لنا حتى الآن أن أزمتنا سوف تستمر، لأن خصوم الحكم لا يقبلون الحوار، ولا يتقدمون نحو الاختبار الحقيقي للأوزان السياسية من خلال الانتخابات القادمة.
[/JUSTIFY]بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]