أبشر الماحي الصائم

شرطة المرور.. شهادة بيضاء

[JUSTIFY]
شرطة المرور.. شهادة بيضاء

وجودي على سفح جسر الجريفات المنشية، حيث الإقامة والسكن بالضفة الأخرى على طريقة صديقنا المخرج المميز سيف الدين حسن.. أتاح لنا فرصة جيدة للوقوف على المجهودات التي تضطلع بها شرطة المرور هذه الأيام.. لاختراق حالة الازدحام التي ترزح تحت وطأتها مدن الولاية.. ولا ذنب لشرطة المرور سوى أنها وجدت نفسها في ظروف غير طبيعية ليست من صنعها.. وهي ساعتئذ كمن دفع به في البحر وقيل له إياك أن تبتل.. وللذين يقرأون بتطرف وأجندة مسبقة وقبل أن أمضي بعيدا أقول: لا مصلحة لي سوى أني مؤهل للإدلاء بشهادة حية ذلك بحكم وجودي في المكان المناسب الذي هو سفح الجسر.. كأفضل مكان لقراءة ترمومتر الازدحام والمجهودات التي تبذل في المقابل لاختراق الازدحام.. نعم هنالك أزمة لكنها كما الصلاة مخففة ومخفضة خمسين مرة وأجرها الكامل في ميزان هذه الشرطة البيضاء بإذنه تعالى.. وهنا أذكر بعض الإخوة الزملاء الكرام الذين كلما استبد بهم الطريق لم يملكوا إلا تسجيل مخالفة باسم شرطة المرور.. فعلى الأقل هي التي توجد في مسرح الجريمة لحظة ارتباكها مروريا.. فهذا فصل من القصة، ولكن القصة الكاملة تتوزع دماؤها على كثيرين.. أولهم ذلك العبقري الذي جعل نصف مطلوبات سكان الولاية في هذه المربعات الذهبية بين المطار والأنهار.. هنا توجد مقار الوزارات والمستشفيات والجامعات وكل الخدمات.. غير أن خمسة وتسعين بالمائة من المخلوقات الحديدية التي تزحف باتجاه وسط المدينة زحف الفاتحين هي سيارات خاصة تتسع في الغالب لمزاج شخص أو اثنين.. فالذي ينقل ويرحل هو الحديد وليست الجماهير أكلة التسالي.. حكي لي ابن أختي دكتور عبدالرحمن الأمين الذي درس بكوبنهاجن بالدنمارك أن رئيس البرلمان هناك يترحل وسط المدينة بعجلة! فضلا عن أننا قوم منظمون نخرج ونعود في وقت واحد نطلق عليه وقت الذروة.. ذروة غفلتنا فلم تكن العقول والأخيلة وحدها التي أرسلت في إجازة مفتوحة، فحتى بعض معابرنا وجسورنا هي الأخرى في إجازة صيانة و.. . و.. .

إذا عدت لموضوعي الذي خرجت لخدمته اليوم.. هو أني شاهدت رجال المرور في عز نزول المطر يخوضون في مياه الأمطار المحتقنة في شوارع أسفلتية لم يصنعوها ولم تصنع بمواصفاتهم.. ونحن ننظر لفيل الشؤون الهندسية ونطعن في ظله! شرطة المرور تعمل تحت سقف صيف أبريل ومايو ووسط أمطار يونيو وتعمل في عراء زمهرير ديسمبر ويناير.. تعمل بمحفزات شحيحة ومطلوبات حياتية ضخمة ثم لا تجد في الغالب من يقول لها شكرا جزيلا..

أنا خرجت اليوم بكامل وعيي لأقول لها شكرا جميلا برغم هواجس وظنون الكثيرين الذين لا يرون في هذه الفئة الشرطية سوى دفتر مخالفات وإيصالات! وفي الغالب لا يحتفظون لها إلا بذكرى مخالفة أليمة يوم كريهة! أنا نفسي مثقل بإيصالاتها غير أن ما أشاهده من جهد وسط ظروف صعبة جدا يجعلني أنتصر على نفسي وإيصالاتي.. ﻷدلي بشهادة من سفح الجسر لم يطلبها مني أحد سوى نداء ضميرى.. شهادة بيضاء ناصعة نصاعة لونها، معفرة، معطرة بعرق جهدها، مطرزة برزقها الحلال..

.. سادتي تعظيم سلام..

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]