كيف يعني
لن يحتاج أي مراقب إلى حصافة وذكاء و(ألمعيِّة)، ليكتشف أن تيارات الإسلام السياسي (بعضها فوق بعض) ليست سوى (كوم واحد)، يردد ذات المقولات الغائمة العائمة، لذلك، فإن التفاوض مع أيٍّ من تمظهراته الحزبية أمر عسير وعصي، وهذا ما ظللنا نردده دائماً، إذ لا نرى فرقاً بين (الشعبي، الوطني، الإخوان، والإصلاح الآن)، فهم ينطلقون من ذات الأفكار وذات التصور للدين الإسلامي، والحكم، ويستخدمون ذات الخطاب للتعبير عنه، ويتوسلون ذات الوسائل لتطبيقة.
وخطاب الإخوان، كثيراً ما يستبطن ويخفي نوعاً من (الإقصاء) للآخر، لكن هذا الإخفاء لا يصمد كثيراً خاصة أمام الأحداث اليومية اللاهثة والمُتسارعة، فيبدو الخطاب وكأنه مُفككاً أحياناً، أو (ميكافيلياً) أحايين أخرى.
وأول أمس حين التقى زعيم الإصلاح بمراقب الإخوان، عرض (غازي) وبادله (جاويش) بـ (أعرض) منها، فأمرا بإعادة النظر في تطبيق الشريعة الإسلامية بما يقوم بإقامة العدل وبسط الشورى بين الناس، وحفظ الدماء والأعراض ومحاربة الفساد.
يعني كيف، ما فهمنا؟
لماذا لا يُفصِّل لنا القياديان الإسلامويان أكثر، رؤيتهما لهذا النوع الجديد من الشريعة الإسلامية التي يصبوان إليها؟ لكن قبل أن يشرعا في ذلك ينبغي لنا أن نذكرهما بأن كلا الشريعتين اللتين نُفذتا في السودان كانتا من صنع أيديكما بطريقة أو بأخرى، فقوانين سبتمبر (أيام النميري)، كان للإخوان القدح المُعلى في التبشير بها وصياغتها وتطبيقها، وهكذا بالنسبة للقوانين السارية الآن.
لكن، للأسف ازداد الفساد، وأريقت المزيد من الدماء، وانتهكت الأعراض، وقسمت البلاد، وصودرت الشورى. تعرفون لماذا؟ ببساطة شديدة، لأن قوانين السماء عندما يُطبقها البشر تصبح بشرية، بمعنى أنها تتأثر بهم.
لذلك كنت وهيهات – أتوقع أن أسمع من (غازي وجاويش)، خطاباً يقترح مشروعات وخطط تفصيلية لمحاربة الفساد، وإيقاف نزيف الدماء، وإقامة العدل وبسطة، بدلاً من قولهما ذاك،، فمن يقرر أن ذلك التطبيق صحيح وهذا خطأ. خاصة وأننا قد جربنا تطبيقان شاركت فيهما كل جماعات الإسلام السياسي المعتدلة والسلفية والجهادية والطرق الصوفية، ولا زال الفساد قائماً والحرب قائمة، ودعاة الحرب وتجارها قائمون!
لذلك نريد طرح برامج وخطط تفصيلية يشرح فيها (جاويش وغازي) ورهطهما جملتهم (العمومية) الطويلة “تطبيق الشريعة الإسلامية بما يقوم بإقامة العدل وبسط الشورى بين الناس، وحفظ الدماء والأعراض ومحاربة الفساد”.
وكلما رددها أحدهم، سنلاحقه بالسؤال: (كيف يعني)؟
[/JUSTIFY]الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي