تعويضات (آل) الشعبي
أمس الأول نشرت صحيفة “التيار” في صفحتها الأولى خبراً عن تسلم حزب المؤتمر الشعبي أموالاً من الحكومة، عبارة عن تعويضات لخسائر تعرض لها الحزب خلال السنوات الماضية، بسبب الإجراءات القمعية التي مورست ضده.
الخبر ازعج قيادات بحزب المؤتمر الشعبي، خشيت أن يفسر بأن التعويضات (رشوة) من حزب المؤتمر الوطني، للسير في مشروع الحوار الوطني، الذي يعول عليه الحزب الحاكم في الخروج من عنق الزجاجة، وفي تقديري أن هذا الخبر فعلاً يستحق أن يصبح محوراً للتداول المفتوح ليس من الزاوية التي أثارت حواجز قيادات الشعبي بل من زاوية أخرى مختلفة تماماً.
أسئلة مهمة للغاية يجب أن تجد الإجابة المناسبة.. كيف ومن يفتي في قضايا التعويضات هل هي الحكومة أم حزب المؤتمر الوطني أم القضاة وكيف يتم تقدير التعويضات.. فهي مال عام يدفعه الشعب السوداني من حر مال فقره المدقع.. وهل تخضع هذه التعويضات للمراجع العام.
والأخطر من كل ذلك كيف تدفع أموال التعويضات.. هل تدفع بشيكات أم نقداً فإذا كانت تدفع بشيكات فمن حساب أي جهة هل هو حساب المالية أم غيرها؟؟
أما إذا كانت نقداً فتلك هي الطامة الكبرى.. ذلك يعني أن هذه الأموال خارج الدورة المستندية الرسمية.. عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.. تحيط بها شبهات السرية وتجنب الشفافية في اوجه إنفاق المال العام، فالمال المدفوع نقداً لن يعرف مصدره ولا في أي بند ذهب.
في الثمانينيات من القرن الماضي عندما كشف النقاب عن تعويضات دفعتها الحكومة لآل بيت المهدي، كانت صحيفة (الراية) لسان حال الجبهة الإسلامية ,اشرس من شن حملة على تلك التعويضات، وظل صدى تلك الحملة الصحفية رنانا حتى اليوم.. فإذا بالتاريخ يعيد نفسه تعويضات تدفع على أضرار ارتبطت بهجير العمل السياسي، الذي لم يكن حزب المؤتمر الشعبي وحده ضحيته فالحزب الشيوعي أيضا تعرض لضرر، وأفراد كثيرون تعرضوا لأضرار بسبب مواقفهم السياسية.. بل هناك من تعرضوا للضرر حتى بغير موقف سياسي، فما الذي يجعل التعويضات تذهب فقط لمن يمد يده للمصافحة؟.
هذا المسلك مهما كان بريئاً أو مبرراً فهو بالتأكيد مغلف بالريب.. اقرب إلى صفقة سياسية محكومة برضاء حزب المؤتمر الوطني، وليس عملا مؤسسياً محتكماً إلى القانون أو معايير العدل والمساواة.
من حق الأحزاب أن تنال تمويلاً حكومياً.. ومن حق كل متضرر أن يجبر ضرره.. لكن بالقانون والعدل حتى لا تصبح التعويضات بنداً للترضيات محكوم باتجاه الريح السياسية وأن تتم وفق دورة مستندية ترصدها مؤسسات الدولة وأجهزة المراجعة، فهي مال عام يملكه الشعب السوداني.
تعويضات حزب المؤتمر الشعبي ستلقي بظلال كثيفة على تجرد الحوار الوطني من شبهات الصفقات المتبادلة.
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]