تقنية معلومات

مصر أولى الدول التي تطلب اسم نطاق باللغة العربيَّة

تشهد اليوم الشبكة العنكبوتية أوسع عملية تغيير في طريقة عملها “منذ اختراعها قبل 40 عامًا”، ففي واحدة من أكثر التطورات التكنولوجية المدهشة لمستخدمي الانترنت حول العالم، سيتمكن الأفراد من استخدام النطاق الخاص بمواقعهم وعناوينهم بلغاتهم المحلية، في تغيير هو الأهم خلال السنوات المنصرمة. إذ إنّ اللغة لم تكن تمثل اعاقة خلال السنوات الاولى لأن معظم مستخدمي الانترنت كانوا يتحدثون الإنكليزية، أما الآخرون فكانوا يستخدمون لغات ذات حروف لاتينية، لكن ذلك الأمر لم يعد واقعًا خصوصًا مع سرعة انتشار الانترنت حول العالم، وسيبدأ العمل في النظام الجديد اعتبارًا من 16 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وسيكون بعدها استخدام لغات كالعربية والهندية والصينية وغيرها، متاحًا في أسماء المواقع الإلكترونية.

القاهرة: بادرت مصر الى الإعلان عن تقديم أول طلب من أجل انشاء نطاق انترنت مكتوب باللغة العربية بالكامل، لتكون بذلك الدولة العربية الأولى التي تتقدم بطلب للحصول على أحرف غير اللاتينية لكتابة اسم النطاق. وقال وزير الاتصالات المصري طارق كامل ان اسم النطاق الجديد هو “.مصر” (نقطة مصر). هذا الجهد هو جزء من حملة أوسع لتوسيع نطاق الوصول والمحتوى على حد سواء في الدول النامية، حيث إن شبكة الإنترنت لا تزال بعيدة المنال بالنسبة إلى مساحات واسعة من السكان.

وقال كامل الذي جاءت تصريحاته قبيل انعقاد مؤتمر حكومي حول الانترنت في مدينة شرم الشيخ ان الاعلان الرسمي حول النطاق الجديد بدأ العمل به منذ منتصف ليل الاثنين بالتوقيت المحلي (العاشرة ليلا بتوقيت غرينتش).

ومن المتوقع ان يضم منتدى الانترنت المصري، والذي تشرف عليه الامم المتحدة حوالى 1400 مشارك، ويستغرق ثلاثة ايام بداية من يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني. ومن المتوقع ان يضم المنتدى، والذي تشرف عليه الامم المتحدة حوالى 1400 مشارك، ويستغرق ثلاثة ايام بداية من يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني.

لكن الجمعيات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان حذرت من السجل المصري في ما يتعلق بحرية التعبير عبر الإنترنت، بعد سلسلة الاعتقالات في صفوف المدونين المصريين بحجة “الحفاظ على الأمن”. وقد احتجت جماعة مراسلين على اختيار مصر لاستضافة هذا المؤتمر العالمي للانترنت واعربت عن ” دهشتها” حيال هذا الامر، وقالت الجماعة في بيان ” انه من المذهل ان حكومة تعادي بوضوح مستخدمي الانترنت تكلف بتنظيم اول اجتماع عالمي حول مستقبل الانترنت”.

ويأتي الاعلان بعد اسابيع من موافقة المجلس العالمي المنظم للإنترنت المعروف اختصارًا باسم “آيكان” ICANN على السماح بإنشاء عناوين على الشبكة الدولية للمعلومات بحروف غير اللاتينية، ستكون أولها بالعربية والصينية، وهي خطوة من شأنها أن تغير عالم الفضاء السيبروني. وأقر مجلس المؤسسة هذا التغيير، في اجتماعه في مدينة سيول الكورية الجنوبية، بعدما أقر بروتوكول أسماء النطاقات الدولية IDNs.

وقال كامل ان تسجيل النطاق ” سيمنح سبلاً جديدة للابتكار والاستثمار والنمو، وبالتالي نستطيع حقًا وأقول بكل سرور… الإنترنت الآن يتكلم العربية”. (تفاصيل)

وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من نصف مستخدمي الانترنت، الذين يقدر عددهم بحوالي مليار ونصف المليار شخص، يتحدثون لغات لا تكتب بحروف لاتينية، ويقول المراقبون إن القرار سيكون التغيير الأكبر في وجه الانترنت منذ اختراعه قبل 40 عامًا.

من جانبه يقول عضو مجلس”آيكان” ICANN الهندي راجاسيخار راماراج : ‘لأني أعيش في بلد يتحدث 22 لغة، بالطبع أرحب بهذه الخطوة… أنا أتطلع لأرى تأثير هذا القرار على مجتمع الإنترنت في الهند”.

وائل غنيم، مدير التسويق والمنتجات في الشرق الأوسط وإفريقيا في شركة غوغل، يقول: “هناك أكثر من 40 مليون مستخدم للإنترنت في الدول العربية .. وهذا الرقم يتوقع أن يرتفع في الفترة المقبلة، ما يعني أن اللغة العربية ستكون إحدى اللغات المهمة للشركات، ومنها غوغل”.

تحديات تقنية
وتمهد تلك الخطوة الطريق لإدخال تغيير على “نظام نطاقات الأسماء” ليكون بوسعه التعرف إلى العناوين المكتوبة بحروف غير لاتينية، ويعمل نظام نطاقات الأسماء بالطريق نفسه لدليل الهاتف حيث يحول أسماء العناوين سهلة القراءة مثل “بي بي سي.كو.يو كيه” إلى سلسلة من الأرقام ممكنة القراءة للكمبيوتر وهو ما يعرف بـ “بروتوكول عناوين الإنترنت IP” .

وقالت مؤسسة العناوين والأسماء المعتمدة للإنترنت “آيكان” ICANN ان تغييرات بهذا المستوى التقني المعقد، ستمثل “أكبر تغيير” في النظام الذي يحكم الإنترنت منذ اختراعها.

ومن المتوقع أن تكون معظم عناوين النطاقات باللغات الجديدة تنتمي إلى العربية والصينية وبعدها الروسية.

لكن بعض الخبراء يرون أن هذا التحول، قد يظهر مشاكل جديدة، فكيف يمكن لمستخدم غير عربي مثلاً، التعامل مع المواقع العربية، وفهم محتواها أو الوصول للموقع الإلكتروني الخاص بالشركة، إذا كان العنوان مكتوباً باللغة العربية؟

واقرت خطط التغيير اللغوي في يونيو/حزيران 2008، الا ان التجارب عليها اخذت وقتا طويلا كما يقول دنجيت ثرش، رئيس اللجنة المسؤولة عن التغيير، وستطبق التغييرات على نظام اسماء المواقع في الانترنت.

وستسمح التغييرات للنظام بترجمة الحروف غير اللاتينية.

وكانت بعض البلاد مثل الصين وتايلاند قد إبتكرت طريقة تسمح لمستخدمي الكمبيوتر بالدخول الى مواقع عناوينها بلغات صينية وتايلاندية لكنها طريقة غير مقرة دوليا ولا تعمل بالضرورة مع كل اجهزة الكمبيوتر. وصوتت الهيئة العام الماضي لصالح تخفيف القيود على الاسماء المميزة بما يعني انه يمكن للشركات ان تسمي مواقع بمنتجاتها كما يمكن للافراد استخدام اسمائهم.

وقد أسست “آيكان” ICANN من قبل الحكومة الأميركية في عام 1998 وتحمل مسؤولية الإشراف على تطوير الشبكة العالمية، لكن الحكومة الأميركية وبعد سنوات من تعرضها للنقد تخلت الشهر الماضي عن الإشراف على الهيئة التي لا تهدف للربحية، وقد وقعت الحكومة الأميركية وثيقة تمنح “آيكان” ICANN استقلالاً ذاتيًا للمرة الاولى في بداية أكتوبر/تشرين الأول الجاري وتخضع الهيئة لإشراف “مجتمع الانترنت” عبر العالم.
المصدر :ايلاف