تراجيديا الحياة (2)
#عرفها في لحظة ندية أنجبتها الصدفة من رحم اللا توقع.. لم يكن متحمساً للمشاركة في تلك المناسبة الاجتماعية التي تخص أحد أصدقائه, ولكن الواجب حتم عليه الذهاب على مضض لتعانقها عيناه دون سواها فتسلب لبه وجنانه.. يومها.. كان خالي القلب مشتت الخاطر.. تحاصره الحياة بالأعباء والإحباطات.. ولكنها ابتسمت لندائه الصامت.. ثم دنت بخطواتها الخجلى لتصافح ذلك الإحساس الغريب الذي اجتاحه فأحاله إلى تمثال.
سارت معه بعيداً في طريق التوادد والشوق والنظرات الخجلى واللهفة المكبوتة.. تكررت اللقاءات وتقاربت القلوب والأرواح حتى أدركا تماماً أن هذا الذي ينمو في هدوء يسمى الحب.
# فتحا الباب على مصراعيه لتدخل الأحلام الوردية بعش صغير وطفل بريء وسعادة غامرة لا تنقصها الحاجة إلى المال.
كانت تعلم ما عليه حاله من بساطة وضنك.. وما على عاتقة من مسؤوليات أسرية.. وما أمامه من عوائق وصعوبات.
ولكنها اكتفت تماماً بالطيبة التي في قلبه والحنان الذي في صوته والحب الذي يغمرها فيه والإخلاص الذي يحوطها به.. وماذا تريد أي امرأة في الدنيا أكثر من رجل عاشق ومخلص؟
هكذا حزمت أمرها ومضت تعينه على الحياة بحلاوة الحب والوعود والأمنيات الطيبة والدعوات الصادقة.
# أيقظتها أمها ذات صباح باكر على عجل.. وطلبت منها أن ترافقها إلى المشفى القريب، حيث ترقد جارتهم الطيبة طريحة الفراش الأبيض بعد أن داهمتها نوبة ليلية من ارتفاع السكر.
تلكأت في ارتداء ثيابها لأن النعاس لم يزل متشبثاً بأهدابها.. وخرجت مع أمها على مضض بعد أن استأذنت من حبيبها برسالة على هاتفه الجوال كما عودته دائماً من باب الالتزام.
الحالة الصحية للجارة كانت متدهورة بالقدر الذي دفع ذويها للإلحاح في طلب الطبيب.. وتزامن وصوله الميمون مع دخولها ووالدتها إلى عنبر السيدات.. وهناك وقعت عيناه عليها.. وراح يخصها بالحديث شارحاً الحالة على اعتبارها قريبة المريضة, ومضت هي في التحاور معه بحسب دراستها للصيدلة.. وكان الطبيب الشاب ابن التاجر المعروف والعائد للتو من دراسته بالخارج قد أبدى اهتماماً كبيراً، وأمضى وقتاً طويلة في العناية بالجارة، ثم تجرأ في طلب رقم هاتفها بكل أدب.. ولم تعرف هي تحديداً السبب الذي دفعها حينها لإعطائه إياه دون تردد. ولكنها علمت لاحقاً بعد أن بدأ يهاتفها طويلاً وتتغول مكالماته على مكالمات حبيبها الذي أدهشه جداً انشغال هاتفها الدائم ولم تقنعه كل تلك الأعذار الواهية التي ساقتها لتبرير ذلك, علمت أن شيئاً ما بداخلها دفعها لاغتنام هذه الفرصة الذهبية للفوز بهذا العريس (اللقطة) ولا سيما قد أبدى الطبيب حسن الظن والجدية اللازمة.
# هكذا بدأت تعرض عن الأول ولا تكترث لمكالماته ولا رسائله.. وأخذت تتهرب من لقاءاته.. ولم تعد تتذكر من علاقتها معه سوى المواقف السالبة واللحظات العصيبة.. فتر إحساسها وانزوى.. بينما توهجت تفاصيل علاقتها بالطبيب الشاب وخطت معه خطوات واضحة نحو الارتباط الرسمي ضاربةً بكل الوعود والحب المقدس والالتزام الذي آمنت به يوماً عرض الحائط.. لم تكلف نفسها مشقة الاعتذار أو التوضيح لذلك الذي تركته معلقاً بين الأرض والسماء، لا يدري عن الذي غيرها شيئاً.. بل إن القلق عليها يناوشه والحيرة تعصف بشبابه ولا يخطر احتمال الخيانة برأسه أبداً, كيف لا وحبيبته لا تزال في نظره المثال الحي للتجرد والعفاف والوفاء والحنان الدافق؟!
وعندما قرر أن يمر على ديار (ليلى) مستطلعاً الأخبار ليطمئن قلبه، كانت أنوار الفرح معلقةً على الجدران، بينما أنوار الحب تنزوي في روحه مخلفةً ظلام الغدر الحالك.
#تلويح:
هكذا حال النساء.. يدعين الحب.. ويبحثن عن الذهب!!
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي