“زبالات” إعلامـــي
كانت الشعراء.. منذ قديم الزمان.. وقبل أن تظهر وسائل الإعلام الحديثة.. واختراع الصينين للورق.. ومن ثم الراديو.. والسينما.. والتلفزيون.. كانوا هم وسيلة الإعلام الوحيدة التي يعتمد عليها الحكام.. وأصحاب الشأن.. فكانت القصيدة تشعل حربا وتطفئ فتنة.. ترفع شأن حاكم.. وتحط من شأن آخر.. فكان الحكام يسترضون الشعراء ويتسولون ودهم.. ويقربونهم.. ويهابونهم.. قبل ظهور الجرايد.. ووسائل الإعلام الأخرى.. كان الشاعر مؤسسة إعلامية.. نجد.. لولا أبو تمام لما كان الخليفة المعتصم.. ولولا المتنبئ لما كان سيف الدولة الحمداني.. وبعد ظهور وسائل الإعلام.. لولا قناة (الجزيرة) لما سقط مبارك وبن علي والقذافي وبشار فوق الدرب.. ولولا الجرايد.. لما كان زعيط ومعيط.. وسقط رجال يقدوها ويسدوها.. لولا قنواتنا الفضائية لما خُلّد تمساح حاج الماحي.. مع إنو في تماسيح أرجل منو.. لولا (نجوم الغد) لكان المطرب الفاكيها في نفسو.. يتشعلق في المواصلات ويغني في الحمام وأمو تنهرو ( يا ولد كفى.. بتنبح مالك؟).. يتسابق ولاة الأمور.. وغير ولاة الأمور.. يتهافتون على وسائل الإعلام.. ويدفعون النفس والنفيس.. وكل زول بي سعرو.. الرخيص بي رخصتو يضوقك مغصتو.. والغالي بي غلاتو يضوقك حلاتو.. كان المتنبئ “يزبل” من سيف الدولة.. ثم رحل عنه لكي “يزبل” من الاخشيدي.. الاخشيدي اتلوم فيهو.. فهجاه المتنبئ وشتمه شتيمة قاعدة ليهو لي يوم الليلة وشرد منو.. رجع المتنبئ لسيف الدولة ومات فوق الدرب.. نجد أن “الزبالة” في عصرنا ليست حكرا على رجال الدولة بل تعدتها.. إلى كل ذي مصلحة.. فهو “يزبل” القايمين على وسائل الإعلام.. عشان يرفعو من أسهمهو.. أصبحت “الزبالة” مقننة.. وكادت أن تصبح حقا من حقوق “المتزبل”.. فتراه لما يمشي لأي مسعول.. عينو على الظرف.. “الزبالة” فاتحة بيوت، هناك سماسرة “الزبالة” من مدراء مكاتب المسعولين.. (النص بالنص.. واللا تاني ما أشوف كريعاتك ديل حايمات بي جاي).. أما المسعول الذي لا “يزبل” فهو ماسورة (وماسورة هنا تعني إنه زول عواليق ساكت).. يتحاشاهو أهل الإعلام.. نجد حرامية “الزبالة” وهم الذين إذا أداهم المسعول “زبالة” لي زول نامو بالزبالة وقالو للزول ( والله الراجل دا ما أدانا أي حاجة).. فيمشي عشمان “الزبالة” وهو ساخط على المسعول وينقنق( دا شنو الزول الماسورة دا؟. أصبر ليهو لو ما رشيتو ليك في الجريدة).. وقد يرشه رشة يتحدث بها الكلب وفايت الدرب.. من كُترة “الزبلات” وسيطرة ثقافة “الزبالات” الإعلامية بقيت أشك في أي كلمة تكتب في الجرايد في حق مسعول.. سلبا أو إيجابا.. وأشم رائحة الكرك (الزبالة).. تفوح من حروفها..!
نصيحة لوجه الله: يا ريت يلمو قنواتنا الفضائية” الإذاعات المدرسية” يلموها في قناة وااااااحدة… اختصارا للمال والوقت والريموت.. مطرب تشوفو في قناة يغني.. تشرد منو لقناة تانية تلقاهو في وشيك فاتح خشمو ويغني بي هدومو.. ما وصل أهلو ملصن وغيّرن.. يلف القنوات كلها ويرجع أهلو أنصاص الليالي.. هناك علاقة وجدانية بين الفنانين والقنوات من جانب والشحادين وحافلات مواصلات الشهداء من جانب آخر.. كلهم بلفو!!.. ويرددو نفس الكلام.. الشحاد يلف على الحافلات حافلة حافلة والفنان يلف على القنوات قناة قناة.. والرازق الله.!!
[/JUSTIFY]الباب البجيب الريح- صحيفة اليوم التالي