عبد الجليل سليمان

في هوى المحبوب دموعي نازلة هميلة

[JUSTIFY]
في هوى المحبوب دموعي نازلة هميلة

(في هوى المحبوب، دموعي نازلة هميلة..

يراني بين قفار وأراه بين خميلة)

لا أدري؟ لمن الأغنية، لكنني أذكر أنني سمعتها وأنا بعد صبي يافع، وهي تتفتح وتزهر على حنجرة المطرب الكسلاوي الرائع (محمد مطر)، ويبدو أن ذلك هو ما جعلها تُقيم بخاطري وتلمع فيه (كشجرة تورق في الحلم فيغازلها القمر).

وكأنه عالجه من فُرْجَةِ في الأغنية، أجرى الزميل (علاء الدين محمود) حواراً مُتقدماً فكرياً ومنهجياً ومهنياً مع القيادي بحزب المؤتمر الشعبي (المحبوب عبد السلام) لصالح يومية التيار (عدد أمس).

ما أماط في دواخلي اللثام عن وجهة تلك الأغنية القديمة بينما كنت منخرط في تلافيف الحوار الشيق، ليس (الجناس التام) بين المحبوب الإسلاموي السياسي و(المحبوب) بمعنى العشيقة، الواردة في سياق الأغنية. ولا لأنني أظن أن (ابن عبد السلام) يعيش في خميلة بينما أرزح أنا في قفر يبابٍ أجرد. وإنما هي (الدموع)، التي وردت في الأغنية فبللت (الحوار) حتى كادت معالمه (تنطمس).

فبدءاً من إنكاره أنه ليس سياسياً بل داعية إلى الله، وليس انتهاءً بتأكيده إيمانه بالدولة المدنية القائمة على المواطنة، بدا ليّ (المحبوب) شخصاً آخر، وإن كنت من المتابعين والراصدين لأفكاره وأطروحاته.

بالطبع، ليس (المحبوب) ولا عرابه (الترابي) هما أول من يقول بمدنية الدولة من الإسلامويين، فقد سبقهما إليها كثيرون، وهي في الحقيقة نتيجة لم يكن يحتاج التوصل إليها، إنفاق وتبديد كل هذه السنوات في المغالبة والمنافحة عن مشروع الدولة الدينية في سياقها البابوي المطروح، كما لم نكن نحتاج أن نبلغ هذا الواقع المُزري والبائس حتى نقول (الروب).

وهذا هو صلب الموضوع، أن يقول المحبوب ورهطه (الروب)، بعد أن قضوا على يابس البلاد وأخضر مواطنيها، وجعلوها صعيداً زلقاً، وقفراً يباباً، وخراباً وسرابا. ويا ليتهم قالوها بصفتهم التي (خربوها) بها، كسياسيين يتوسلون الإسلام لتحقيق مكاسب (دنيوية) (سُلطات وأموال)، وهذه هي التجربة التي يجب إحاطتها بالنقد والمراجعة، وهذا يحتاج بالضرورة إلى أن لا يتنصل من يبتدرون هذا المشروع من صفتهم السياسية التي تقوم عليها مسؤوليتهم الأخلاقية ويدّعون أنهم دعاة إلى الله لا يريدون من ممارستهم السياسية إلا لقاء وجهه الكريم. وبالتالي يبدون وكأنهم لم يفعلوا شيئاً ولن. وهذا بالضبط ما (دسه) المحبوب بين تضاعيف الحوار، فكأنه أراد أن يقول إنه شخصياً – وبالنتيجة – منسوبي (حزبه) دعاة إلى الله، وليسوا سياسيين. فأين التجديد إذن، وأين الدعوة إلى الدولة المدنية؟ وأين المراجعات الفكرية؟ وكيف يضطلع الدعاة بأمور السياسة، في حين يدّعون أنهم مجددون؟ لذلك، فلنغني “في هوى المحبوب دموعي نازلة هميلة”.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي