أوائل مكرمين بحب
للسنة السادسة على التوالي أتلقى الدعوة الكريمة التي تبعثها مجموعة شركات دال متمثلة في إحدى ركائزها دال الغذائية لحضور حفل تكريم الطلاب الخمسة الأوائل في الشهادة السودانية من مختلف المساقات، وتدشين البرنامج السنوي الراتب الذي يخصص لتحفيزهم ودعمهم من المعنيين بهذا التكريم.
وإني لأزهو دائماً كوني من القلائل الذين استمر رصدهم وحضورهم لفعاليات ذلك الاحتفال من بدايته الأولى في العام 2009 وحتى الآن.. بكل مفارقاته وتفاصيله المدهشة.. ومنذ أن كانت سيقا تقف وراء هذا الإنجاز الكبير متمثلة في دقيق الأول صاحب المبادرة الخالدة، تحت شعار (الأول يكرم الأول).. وعلى مر السنوات كان لهذا التكريم أبعاده الكبيرة ومردوداته الإيجابية في إحداث العديد من التغيرات الجوهرية لدى الطلاب.. لا سيما من خلال الرحلة التعليمية الثابتة التي يحتوي عليها برنامج التكريم، والتي بدأت بالعاصمة البريطانية لندن ثم ما لبثت أن تحولت لأسباب منطقية إلى ماليزيا حيث يتسنى للطلاب تلقي العديد من المعارف والعلوم والكورسات، بالإضافة للجولات السياحية التاريخية والثقافية والتسوق!
ومن المفارقات المدهشة التي توفرت طوال السنوات الثلاث الأخيرة أن الأولى في المساق النسائي تكون واحدة من أصحاب الحاجات الخاصة، تحديداً شريحة الصم، لتعرفنا كل منهن على المعنى الحقيقي للإيمان والرضا وقوة الإرادة والصبر على البلايا.
هذا العام.. جاء مختلفاً نوعياً.. وقد تكون لي بعض تحفظاتي على مستوى الاحتفال وشكله العام، إذ لمست تراجعاً ملحوظاً في طريقة تهيئة المكان وتفاصيل الحفل التي افتقرت للفخامة والنظام الذي عهدناه!
وذلك لا يحط من قدر المنظمين، فالشاهد أن الجميع يتفانون في كل عام من أجل تقديم خدمة مميزة للطلاب وأسرهم، ولاسيما أن معظمهم قادمون من ولايات السودان المختلفة، وتعني تلك المبادرة لهم الكثير على اعتبارها خطوة كبيرة في تاريخ تجاربهم الإنسانية.
ومن أروع التفاصيل حرص طلاب جميع الأعوام على الوجود في الاحتفال، حيث يمكنك أن تلحظ التحولات الكبيرة التي طرأت على شخصياتهم وأسلوب تفكيرهم وشكل حياتهم عاماً تلو عام.. فبعضهم الآن قد ولج الحياة المهنية التي التزمت دال بالمقابل بتوفير التدريب اللازم الذي يعينهم على بدأها بكل ثقة ودراية.
أكثر ما ميز الاحتفال هذه المرة وجود طالبة وافدة من إريتريا الشقيقة ضمن المحتفى بهم في سابقة جديدة من نوعها.. الشيء الذي أضفى على الاحتفال سمات جديدة، إذ حرص عدد مقدر من الإريتريين على حضور الاحتفال بأزيائهم وطقوسهم ومأكولاتهم المميزة..
وكان أن قدمت الشركة المنظمة الدعوة للسفارة الإريترية التي تمثل حضورها في القائم بالأعمال الذي أعرب من خلال كلمته القصيرة عن سعادته بتفوق مواطنته، وقدم لها جائزة السفاره المتمثلة في تذكرتي ذهاب وإياب إلى ومن أسمرا !! وهو ما لم أجد له تفسيراً واضحاً، لاسيما أن الطالبة المتفوقة تعد من اللاجئين، وأمضت أسرتها 30 عاماً في السودان وهي من مواليده.. فماذا ستعني لها هذه الرحلة؟ وهل ستذهب وحدها؟ وكيف لها وهي الهاربة من أوضاع معينة أن تعود حيناً من الدهر؟!
عموماً.. سعدنا بالمجهود الذي يبذل كل عام في الرصد والمتابعة والاتصالات من أجل هذا التكريم.. ولا نزال نشد على أيدي جميع القائمين عليها من أجل المزيد من الصمود والابتكار.. ونشكر العم محمد الشفيع على كلماته الحميمات القيمات التي مست شغاف القلوب.. وتبقى أمنيتي العزيزة.. أن أستمر في حضور الفعاليات إلى أن تتحول صفتي من مجرد كاتب صحفي مدعو.. إلى والدة أحد الخمسة المتفوقين المكرمين (بحب) تماماً مثلما نصنع الوجبات من منتجات دال الغذائية.. آمين..
تلويح:
قد يتغير مكان الاحتفال.. وتتغير تفاصيله.. ويتغير الفنان المشارك.. ويتغير شكل الضيافة.. وتتغير وجوه الحضور.. ولكن يبقى كل من العزيزة (كارلا) والصديق (عمر عشارى)، أبرز ثوابت المبادرة، لهما التحية والامتنان.
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي