الطفيليون والمطففون والحكومة ذاتها
التفت الناس قليلاً، إلى ما يدور في الساحة السياسية، ثم خاطفة أخرى إلى المتأثرين بالسيول والأمطار، ثم ما إن أعادوا أعناقهم إلى وضعها الطبيعي حتى فوجئوا بطامة أكبر، إذ ارتفعت أسعار كل السلع الضرورية بشكل غير مسبوق، ارتفعت هذه المرة بجنون، دونما ظهير يدعمها مثل (رفع الدعم عن المحروقات) وغيرها من المبررات الرسمية التي كانت الحكومة تدفع بها كلما ارتفعت أمواج الغضب في وجهها.
الغريب في الأمر، أن الجهات الرسمية عزت هذه الموجة الضخمة من الزيادات في أسعار الزيوت وبقية السلع الاستراتيجية إلى المضاربين، وقالت مصادر شبه حكومية إن هؤلاء فئتان، واحدة تضارب في العملات الأجنبية، وأخرى في السلع الاستراتيجية.
حسناً، فلنرو ما حدث: ارتفع سعر جركانة زيت الفول عبوة (36) رطلاً مرتين خلال أسبوع واحد من (260) جنيهاً إلى (500) جنيه ثم إلى (630). ارتفع جوال الفول المصري من (400) جنيه إلى (1000) جنيه، ووصل سعر جوال البصل قرابة الـ (500) جنيه، جوال الكبكبي بلغ سعره (560) جنيهاً في سوق المعيلق (محل الإنتاج) وليس الخرطوم (محل الاستهلاك)، بينما ارتفع سعر جوال الويكة في مناطق إنتاجها إلى (900) جنيه.
وفي الأبيض ارتفع سعر جوال الدخن إلى (700)، والفتريته إلى (480) واللوبيا، والسمسم بلغ سعر جوالهما (1500) جنيه.
هذا غيض من فيض الزيادات غير المسبوقة ولا المبررة، ولا زالت الحكومة تحكي لنا عن مضاربين يعبثون بحياة المواطنين، ولا نسمع أنها ألقت القبض عليهم، أو أوقفتهم عن عبثهم هذا!
دعونا مما قاله بعض الخبراء والتجار، عن أن تجاراً كباراً موالين للحكومة هم من يضاربون ويطففون بغرض جني أكبر قدر من الأرباح مُستغلين كوارث الأمطار والفيضانات، ولنأتِ إلى سياسات الحكومة نفسها، إذ دأبت مؤسساتها التمويلية على إقراض هؤلاء المضاربين، بينما غلت يدها عن تمويل المنتجين الحقيقيين، هذه المؤسسات والمصارف على وجه الخصوص لا تمول مشروعات إنتاجية حقيقية، ولا تشجع على زيادة الرقعة الزراعية وتنمية الصادرات وتشجيعها، وبالتالي فهي تسهم في إنتاج شرائح جديدة من الطفيليين والمضاربين، وبالتالي هي المسؤولة عن كل ما يحدث للمواطن، وعليها أن تنهض بمسؤولياتها تجاهه، وأن توقف هذا العبث اليومي، لا بُدّ من ذلك وإلاّ فالكارثة قادمة لا محالة.
[/JUSTIFY]الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي