منى سلمان
التسوي تلقا
ولكن قبل أن يرفع عقيرته مناديا لأهل البيت، إنتبه لوجود ابنة (ود أب كرك) الصغيرة تلعب وحيدة تحت أشجار الحوش الظليلة .. امتنع عن الصياح وتقدم نحو الصغيرة بخطوات هادئة، عندها حانت من الصغيرة إلتفاتة للخلف وشاهدته، فهشت في وجه باسمة وصاحت وهي تهم بالانطلاق لداخل البيت:
(عمي عبدو سيد الموية جا)
أمسك بها من معصمها ليمنعها من الجري .. تلفت حوله ليتأكد من خلو الجو قبل أن ينحني ويحملها بين ذراعيه، ولكن ما أن فعل حتى أستيقظت فيه نخوة حاول ابليس اللعين ساعة غفلة أن يدفنها في أعماقه، وتذكر حسن معاملة (ود أب كرك) وإحسانه له طوال سنوات عمله في سقاية الحي، منذ أن كان يحضر وهو صبي صغير مع والده، ثم عندما ورث الأمر عن أبيه بعد وفاته ..
مر شريط ذكرى تلك السنوات على (عبدو) في لمحة، فإستعاذ بالله في سره من الشيطان الرجيم، ومال على خد الصغيرة وقبلها في حنو قبل أن يضعها على الأرض وينطلق مبتعدا ..
مرت سنوات على تلك الحادثة أقبلت فيها الدنيا على (عبدو السقّا)، حيث باع بعض من سعيته ودخل في تجارة مع مجموعة من أقربائه، فتحسنت أحواله المالية وتخلى عن مهنة السقاية .. واشترى منزلا بعد أن تزوّج وأكرمه الله بالذرية ..
وفي ذات صباح كان يجلس في ظل تعريشة ظليلة تطل على حوش داره، بينما صغرى بناته تلعب وحيدة بالقرب من مدخل الحوش .. وفجأة دخل (سقّا) الحي وهو يحمل سعن الماء على ظهره، وهمّ بالتوجة نحو المزيرة، وفي طريقه إليها إنتبه لوجود الصغيرة وحيدة في الحوش، فأنزل السعن عن عاتقه ثم غير وجهته وتقدم نحوها ..
ألقى (عبدو) فنجان القهوة من يده وهبّ واقفا .. وتقدم بخطوات عجلى نحو باحة بيته، ولكن قبل أن يصلها كان السقّا قد حمل الصغيرة على عاتقه .. احتضنها برهة قبل أن يقبّل خدها ويضعها على الأرض ثم ينطلق وهو لا يلوي على شيء ..
وقف (عبدو) مذهولا وضرب كفا بكف ثم قال حكمة صارت مضربا للأمثال:
لو زدنا يوم داك .. كان زاد السقّا !!
حكاية (العبدو السقا) سمعناها في وعينا المبكر من (أمي) نقلا عن (أبي)، فقد حملها في وجدانه من ضمن ما حمل من موروثات أهل الجزيرة وحكمّهم البليغة، وكانت أمي تستعين بمقولة السقّا التي صارت مثلا، كلما حضرتها قصة كان فيها جزاء المذنب من صنف عمله ..
حكمة (داين تدان) تعادل في أمثالنا الشعبية (التسوي تلقا)، أو نفس المعنى في سياق آخر (التسوي كريت في القرض بتلقا في جلدا) .. وتوجهنا قصة المثل لأن ننتبه ونراعي الله في أفعالنا، لأن من يدفع الثمن هم أحباؤنا .. فمن يسئ لطفل فعليه أن يتوقع، أن ينبري من (يتسدا التار) لذلك الطفل في أحب بنائه إليه ولو بعد حين، ومن يؤذي شقيقات الرجال فحتما سيأتي من يؤذي شقيقته من وراء ظهره، ومن يهتك الأعراض عليه أن يخشى من هتك عرضه وأن زاد عنه وحماه بالدم ..
ورغم أن هناك من الحجج والاسانيد الفقهية ما تعارض ذلك الفهم، حيث استدل بعض العلماء بقوله تعالى: (لا تزر وازرة وزر أخرى) على نفي الاعتقاد بأن الابرياء هم من يتحملون وزر ذنوب أقربائهم العاصين، إلا أن ما لا خلاف عليه هو، أن عقوبة بعض الذنوب تكون في الدنيا قبل الآخرة، وأن مقترفها سيرى جزاءه قبل موته مثل عقوق الوالدين ..
* بعد عودة العزابة من صلاة الجمعة منفعلين بخطبة الأمام، التي أكثر فيها من الوعيد لكل من يأتي بفعل قبيح يؤذى به أخاه المسلم من وراء ظهره .. جلسوا يتلاومون على ما كانوا يفعلونه في رفيقهم الثقيل (مجدي البوستة)، وقرروا أن يصارحوه بكل تلك الافعال التي كانوا يفعلوها لتطفيشه ثم يستسمحوه عليها، لذلك بادروه بعد عودته من الخارج:
يا مجدي ياخ دايرنك تعفي لينا عشان كنا قاعدين ندّاغل عليك، مرة حرقنا جلابتك بالمكوة عنية ووكنا بنقشّط حلة (القطر قام) ونغسلا قبال تجي و
قاطعهم مجدي في هدوء:
ما مشكلة لكن برضو انتوا سامحوني لانو الجوابات الكنتوا بتدوني ليها عشان ارميها ليكم في البوستة لأهلكم هديلك قاعدين كلهم في الدولاب و بعدين يعني من هنا ولي جاي حقو تغسلوا الزير حقكم ده كويس !!!!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com
نهارك سعيد استاذه منى . . والله حكاية غريبة جد بس فيها معاني كبيرة ، طول مالواضح ضميرو صاحي مابتجيهو عوجه.
لكن ناس مجدي عاملين مفتحين علي ابو الامجاد طلع مقددا ;( ;( ;( ;( شكراً يا رايعه
إلى كل محبي الأستاذ الرائعة( ست الصحافة وأميرة البنفسج) “منو بنت سليمان”
بشرى سااااااااااااااااره
سهرة برنامج سوداني على قناة الشروق مساء الخميس 18/6/2009م.
((منى سليمان تحكي قصة حياتها ومزاولتها للعمل الصحفي وكتابة المقالات الإجتماعية الهادفة في قالب فكاهي بسيط )))
نرجو من الجميع الإلتزام بالهدوء التام أمام شاشات التلفزيون حتى نستفيد من تجربتها الرائعة في الحياة..!
كما نرجو عدم الغياب…..
خخخخخخخخخخخ
السلوك مسالة معقدة مبنيه على تركيبة نفسية معينة وهى نتاج طبيعى للبيئة التى نشا فيها الانسان .. كما ان الجينات تلعب دورا هاما فى سلوك الفرد ولكن الان تطور العصر وظهرت مدارس يمكن ان تعمل لتغيير السلوك لدى الانسان اذا كان اراد ان يغير سلوكه واعتقد ان الوازع الدينى يعتبر له اهمية جوهرية فى ادخال سلوك ممتاز فى نفسية الفرد … اذن ان هذه المسائل فى حقيقتها تحتج الى ان ينظر الانسان لنفسه واعتقد ان حديث الرسول صلى الله عليه وسلم جئنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر وهو جهاد النفس وكما قال الامام الشافعى :-
النغس راغبة اذا رغبتها واذا ردتها الى قليل تقنع
كما ا الانسان فى امكانه ان يرقى بنفسه وهذا مذكور فى القران النفس الامارة بالسوء النفس الراضية والنفس المرضية اذن ان الانسان خلق ليرتقى بسلوكه وهذا ما يفهم بمعنى التطور ان التطور البيلوجى مقرون بالتطور السيكلوجى او الوجدانى واذا حصل اختلال فى الطرفين ادى الى نتائج عكسية ولذلك ان الانسان الابد ان يرتقى فى سلوكه لكى لا يحدث له انتكاسة وجدانية النقطة الاخرى الاسلام دين عدل وان الله سبحانه وتعالى لم يعاقب قوم بجريرة قوم اخر وايضا ذكر فى القران كل نفس بما كسبت رهينة وايضا الله تعالى قال يوم يفر المرء من اخيه يعنى ذلك واضحا ان مفهوم العقاب لا يبنى على ما ارتكب الغير وحتى وان كان اقرب الاقربيين لك انظر الى سيدنا ادم اول خطيئة ارتكبت بابنائه هابيل وقابيل وهل ادم ارتكب معصية لله؟ انظر سيدنا نوح عليه السلام ابنه انظر سيدنا لوط زوجته يعنى كل ذلك يدل على ان المفهوم واضح والعبر واضحة والدين مبنى على العلم والمنطق لا مبنى على الخرافات والدجل 😎
بدون شك القصة معبرة وتخدم الغرض الذي كتبت من أجله … إلا أن الكاتبة لم توفق في ضرب مثل القصة حينما جعلت من الطفلة محلاً لطمع (السقا) وقضاء نزواته… هذا فضلاً عن التناقض الواضح في شخصية (((السقا))) الذي يرفع صوته مناديا (يا ساتر) لينبه الغافل !!! عندما يصل للمنزل لغرض لفت انتباه من بالدار بوصوله… وهي صفة يتحلى بها من يعير حرمات البيوت اهتمامه.. ثم تدلف الكاتبة لتجعل من (((السقا))) بعد لحظات من وصوله بأنه رجل (((شــــاذ))) هم بشيء في نفسه تجاه (طفلة صغيرة وبريئة) والذي يفكر بهذه الطريقة ليس مجرد مذنب بل هو شخص (((شـــــاذ حقيقي))) والانتقال من الشذوذ إلى باحة الإيمان والنقاء بينهما في الغالب بون شاسع وزمن ليس بالقصير… هذا فضلاً عن أن القصة رويت في عدة كتب بروايات مختلفة وكانت شخصيات القصة بين رجل وامرأة بالغة وليس بين رجل وطفلة!! … حيث تصف الرجل وهو يحاول فعل شيء منكر منافي للأخلاق وشهواني تجاه تلك المرأة… ولكنه يستدرك مخافة الله أو شيء من ذلك ومن ثم يتراجع … وهذا السرد الأخير للقصة مقبول منطقيا حيث يمكن لمن تحدثه نفسه بفعل شيء منكر مع امرأة بالغة أمر وارد والتوبة منه قبل فعله أمر معقول… لكن من غير المعقول وغير المقبول أن يتحول فاعل المنكر من حالة الشذوذ إلى حالة الانضباط والاستقامة في برهة من الزمن… لأنه مثلما أن التسلسل في رقي الأخلاق لا يأتي برهة… فإن التسلسل في الانحلال أيضاً يكون بدرجات.. مثل الذي يستخدم المخدرات يكون في بدايةإدمانه مجرد مدخن للسجائر… وعليه فوصف الكاتبة ((( للسقا))) بأنه استدرك رشده واستعاذ من الشيطان.. متحولاً (180 درجة) في رمشة عين من الشذوذ إلى الاستقامة انتقال ليس فيه ما يبرره عقلاً….. لأن الأمر ببساطة من تحدثه نفسه بفعل شهواني مع طفلة صغيرة هو بدون شك لايجد الغضاضة أو ما يعيب عندما تتاح له فرصة فعله مع فتاة بالغة .. وهو بهذه الحالة (أي حالة الشذوذ) أبعد من أن يستدرك مخافة الله لحظة تفكيره في فعل المنكر مع الطفلة لأن قلبه ووجداته قد طمستها ذنوب كثيرة أوصلته لمرحلة التفكير في الأطفال.. وهو بهذه الحالة أقرب لأن يفكر في أم الطفلة من أن يفكر في التوبة والإقلاع كلياً عن الذنب العظيم !!! وعلى الرغم من ذلك كله فباب التوبة والرشد مفتوح لكنه في هذه الحالة هو باب المعجزات وليس باب ما اعتاد الناس عليه في ترك الهفوات وصغائر الذنوب… وأقرب وصف للقصة لقبولها منطقيا اعتبارها قصة فريدة من نوعها مثل (((السقا بطلها الشاذ))) والفريد في نوعه!!!!… والله أعلم..
قمة الروعه – درس واعي بهدوء – التفاته الى ما يحصل حولنا في هذه الايام – أبليس الذي تمركز في اعين الكثيرين ضد الصغار –
دمتي يا مبدعه
ام احمد – دبي
يعطيك العافيه يا ابو عبدالله 😉 😉