عبد اللطيف البوني

مهدي مصطفى الهادي

[JUSTIFY]
مهدي مصطفى الهادي

رمية–:
يقول الفيلسوف الشاعر الرئيس السنغالي السابق /ليوبولد سنغور إنه كلما سمع برحيل شيخ إفريقي يشعر بأن هناك مكتبة احترقت طبعاً هذا راجع لأن ذلك الراحل الذي أمد الله في أيامه قد شهد أحداثاً كثيرة وتبلورت في رأسه حكم كثيرة من تجربته ومما ورثه من حكمة الأسلاف وبما أنه ليس هناك كتابة فستكون كل الأشياء قد رحلت معه ولو عاش سنغور إلى يومنا هذا سوف يكتشف أنه حتى المتعلمين والمثقفين الأفارقة الذين يجيدون الكتابة وبعدة لغات والذين عاشوا حياة طويلة عامرة بالتجارب لايدونون تجاربهم على سبيل التوثيق لذلك عندما يرحلون تكون هناك مكتبات احترقت ومازالت المكتبات تحترق حتى يومنا هذا.
العصاية –:
في مساء الثلاثاء الأول من أمس احترقت مكتبة سودانية برحيل السيد/ مهدي مصطفى الهادي بعد عمر مديد أنفقه في خدمة بلاده وفي مجالات مختلفة وله تجربة سياسية طويلة والأهم من كل ذلك أنه ترك بصمة واضحة في مسيرة الحياة السودانية على المستوى القومي مهدي مصطفى الهادي نشأ سياسياً في كنف اليسار وكان في جامعة الخرطوم يلقب بالطفل المعجزة لذكائه الخارق، وعندما انقسم الحزب الشيوعي في الموقف من مايو كان مهدي في جناح معاوية سروج وأحمد سليمان الذي انحاز لمايو باعتبارها ثورة تقدمية بينما تحفظ عليها عبد الخالق محجوب وبقية الحزب ووصلت المفاصلة قمتها في انقلاب هاشم العطا في يوليو 1971.
استمر مهدي في العمل مع نميري وكان قطباً من أقطاب الاتحاد الاشتراكي وصل منصب الأمين العام وإداريا شغل مهدي منصب محافظ الخرطوم بلغة اليوم والي فاتخذ قرارات خطيرة منها إلغاء الدعارة فمنذ أيام الانجليز كانت الدعارة مهنة معترف بها من قبل الدولة بمعنى أن تعطى العاهرة رخصة مزاولة تجدد في فترة معلومة مع كشف طبي ودفع ضريبة وحماية أمنية وكانت صفوف طالبي الخدمة أمر عادي في مناطق متفرقة من العاصمة المثلثة أشهرها أبوصليب في الخرطوم ولما كان القرار خاصاً بمديرية الخرطوم فقط فقد تفرقت الممتهنات لتلك المهنة على مدن السودان ومن بقيت منهن في الخرطوم ظلت تمارسها سراً وتتعرض للكشة.
قبل مهدي كان بالخرطوم سوقان العربي والأفرنجي ولكن المتغيرات الديمغرافية رفدت الخرطوم بقادمين وبمطلوبات جديدة فأنشأ المحافظ/ مهدي مصطفى الهادي الأسواق الشعبية في أطراف العاصمة ورحل لها الأكشاك التي كانت موجودة في قلب المدن الثلاث طبعاً الآن أصبحت هذه الأسواق في قلب المدن مما يدل على بعد نظره قبل أن يتقلد منصب محافظ الخرطوم كان مهدي دبلوماسياً في الخارجية وبعد مايو عاد للعمل الدبلوماسي إذ أصبح نائباً لأمين عام الجامعة العربية وبعد تقاعده رجع للسودان ثم عمل في عهد الإنقاذ سفيرًا للسودان ثم تقاعد للمرة الثالثة. عليه ستكون خسارة كبيرة لو أن الراحل مهدي مصطفى الهادي قد رحل دون أن يكتب مذكراته وهذا هو الغالب وسنكون سعداء لو كان العكس هو الحاصل.
كسرة:
قرارات مهدي المذكورة أعلاه ووجهت بمعارضة شرسة قوامها المعارضون لمايو ثم أصحاب المصالح المتضررون وهناك من عارض لأسباب يراها موضوعية فمازلت أذكر تلك الندوة التي أقيمت في جامعة الخرطوم ونحن في السنة الأولى عن إلغاء الدعارة العلنية. وقد اختلف المتحدثون فيها وكلهم أساتذة كبار في الجامعة والمجتمع أما ترحيل أكشاك حي الشهداء إلى مكانها الحالي -السوق الشعبي بأم درمان- فقد ووجه بثورة عارمة وضغوط على نميري.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]

‫3 تعليقات

  1. الراحل مهدى مصطفى الهادى كان محافظا(واليا) لولاية الخرطوم و بعدها أرتقى الى نائب الأمين العام للجامعة العربية بحالها .
    و صاحبنا عبدالرحمن الخضر(الأرعن) بعد فشله الزريع فى ولاية القضارف يترقى الى والى ولاية الخرطوم !!!!! ماهذا الانحدار الشنيع .

  2. دائما أبحث عن الكفاءات ذوي المواهب ودع الخبز لخبازه أن يعجنه ويخبزه حسب خبرته فالسباك الماهر ليس هو النجار الماهر وطبيب النساء والولادة ليس هو طبيب العيون دعك أن يقود عملا إقتصاديا إستثماريا والمحك هو فتح باب المنافسة الشريفة علي مصراعيه وأن يلحق سوط القانون الجميع وعلي ذو السلطة أن يشرف علي ذلك بشفافية ….. وبعدين خلي السويد أو الدنمارك كان تفوتنا