بكتريا البرلمان!!
منعت إدارة مستشفى الزيتونة في تصرف غريب، دخول وفد برلماني برئاسة الأستاذة عفاف تاور رئيس لجنة الثقافة الإعلام بالمجلس الوطني، لزيارة الأستاذ عثمان ميرغني الذي يتلقى العلاج بعد حادثة الاعتداء عليه أخيراً، ولا يليق بالمستشفى.. خاصة أن الحجة التي منع بها الوفد تثير أكثر من تساؤل وغير مبررة لما فيها من ظلال وإشارات تحمل في طياتها الكثير!!
وليس من المعقول إطلاقاً أن تدعي إدارة المستشفى كما جاء في قرار المدير الطبي، أن الوفد البرلماني يحمل بكتريا ضارة بالمريض، بينما سمحت لغيره من التنفيذيين ــ كما قالت عفاف تاور ــ بزيارته أثناء زيارتها مع مرافقيها، كما أتاحت للسفير البريطاني ونائب القائم بالأعمال الأمريكي مقابلة الأستاذ عثمان والتحدث معه عن قرب!!
كثيرون زاروا عثمان ميرغني في المستشفى ووقفوا عند باب غرفته، ولم يسمح لهم بزيارته بحجة مقنعة وواضحة أن وضعه الصحي لا يسمح أو يغط في نومه أو تحت تأثير العلاج الذي يتلقاه أو أعطي عقاراً لتسكين الألم وتخديره يتطلب عدم الدخول عليه.. فعاد أكثرهم أدراجهم راضين، لكن أن يقال لوفد من البرلمانيين بقيادة الأستاذة عفاف تاور بكل فظاظة.. أنهم يحملون بكتريا ضارة بالمريض من أول وهلة دون أن تكون هناك إجراءات وفحص يؤكد حمل الوفد لهذه البكتريا الضارة.. فهذا فيه تجاوز وإهانة دون مسوغ ومبرر، إلا إذا كان هناك قصد مسبق بعدم دخول البرلمانيين لمعاودة المريض على خلفية تصريحات سبقت من القيادية بالبرلمان سامية أحمد، فهمت من البعض أنها تبرر الاعتداء على عثمان وفسرت على غير مرماها.
ومن المؤسف أن تتعرض الأستاذة عفاف ووفدها من البرلمانيين لهذا الموقف غير اللائق والمسيء إلى درجة قولها العبارة الحارقة المرة كالحنظل «إدارة المستشفى عندها خيار وفقوس لأنها سمحت لتنفيذي سابق بالدخول لزيارة ميرغني في وقت زيارتها»، وزادت قائلة: «كأن المدير الطبي اكتشف بفراسته أننا نحمل بكتريا»، وتعني هذه العبارة الكثير لو توقف الناس عندها، ولعرفوا حجم الجريرة التي ارتكبتها إدارة المستشفى والرسالة التي وجهتها لكل الوجدان القومي السوداني.. فاتهام جهة بأن لديها خياراً وفقوساً يعني أنها تصنف الناس على أسس واعتبارات معينة، ونربأ بالمستشفى أن تكون قد خاضت في هذا الوحل الآسن.
وكان يمكن لإدارة المستشفى أن تقول للوفد البرلماني حجتها بطريقة أخرى، لو اعتذرت بشكل عام دون تحديد، إن هناك خشية من الزيارات لميرغني خوفاً من أنواع مضرة من البكتريا قد تنتقل إليه، أو كان بإمكانها اتخاذ التدابير اللازمة مع الزائرين بوضع الكمامات والقفازات أو غيرها.
ومن واجب هذه المؤسسات الطبية أن يكون لديها قدر معقول من الحصافة في التعامل مع الزوار خاصة إن كانوا من الشخصيات العامة، ومثل هؤلاء يفترض فيهم احترام التدابير الطبية واللوائح والضوابط والقواعد العامة، ويتفهمون في الحد المقبول الاعتذارات التي تقوم على أسس سليمة وليس على استفزازات مباشرة أو غير مباشرة.. وتبالغ بعض المؤسسات الطبية في تطبيق الإجراءات الصارمة التي تمنع الدخول.
وأذكر هنا أننا كنا في العاصمة الألمانية برلين، وذهبنا لزيارة المغفور له بإذن الله الشيخ أحمد علي الإمام، في مرضه الذي لم يشف منه حتى لاقى ربه، في مستشفى «فيفانتيس» الشهير، وهو من أرقى المستشفيات الألمانية، وكانت الإجراءات مبسطة للغاية في منطقة العناية المكثفة، والتعامل راقياً ومتحضراً، لا منع ولا غلظة ولا خوف وحذر مبالغ فيه وأكثر مما يستدعيه الحال.. بالرغم من الحرص الأوروبي خاصة الألماني على إجراءات السلامة الطبية والمعايير الدقيقة في تجنب حدوث ما لا تحمد عقباه أو وجود ملوثات بكترية أو فيروسية.
يجب على إدارة مستشفى الزيتونة الاعتذار الفوري للأستاذة عفاف تاور وبقية وفد البرلمان، وتفسير ما حدث بما يدحض أي تفسير آخر قد يلجأ إليه البعض، وما أكثر التفسيرات والتأويلات التي تموج وتمور بها الساحة اليوم.
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة