حرب الانقسامات في غزة
حرب غزة الراهنة، وبحسب موقع دوتش فيلا الأخباري الألماني، كرست الانقسامات الإقليمية في الشرق الأوسط، وذهب خطار أبو دياب خبير شؤون الشرق الأوسط وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس الذي استطلع الموقع رأيه إلى تقسيم المنطقة إلى ثلاثة محاور: المحور الإيراني – السوري العراقي، الذي يضم أيضا حزب الله اللبناني، وهو محور تبنى هذه المرة اتجاه حرب غزة لهجة معتدلة نسبيا اتجاه إسرائيل. أما المحور الثاني فنشأ في خضم وصول الحركات الإسلامية إلى الحكم في عدد من البلدان، ويضم كلا من تركيا وقطر، وعوض هذا المحور إيران كعراب حقيقي لحركة حماس خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار الانتقادات القوية لرئيس الوزراء التركي لإسرائيل. أما المحور الثالث فبرز بعد انهيار حكم الإخوان المسلمين في مصر بمساعدة خليجية، ويتعلق الأمر بالمحور المصري السعودي “الذي يمكن أن نضيف إليه بدون تحفظ (الإماراتي)، لأن التفاهم بين مصر والإمارات هو أعمق بكثير في عدد من الملفات من التفاهم المصري السعودي”، على حد تعبير أبو دياب.
حرب غزة الراهنة بدلا من أن تسهم في توحيد العرب زادت في انقساماتهم وانكساراتهم، وبعد أن تبنت الجامعة العربية التي يتفرض أن تكون جامعة شاملة للعمل العربي المشترك تبنت المبادرة المصرية للتهدئة مع العدوان الإسرائيلي الذي كلما استطال أمد الحرب ولغ في المزيد من الدم العربي المستباح في غزة تحت سمع وبصر العالم الذي لم يحرك ساكنا حتى عندما دك العدوان حي الشجاعية فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ موقعا أكثر من مئة شهيد في يوم واحد، بينما نجد في المقابل قامت الدنيا ولم تقعد عندما تم اختطاف ثلاثة شبان إسرائيليين قبل فترة، في مواجهة هذا التجاهل الدولي والانحياز الصريح والمعلن لإسرائيل لابد من توحيد الجهود العربية وتوافقها على العمل ضد العدو المشترك وليس ضمن محاور تنافس بل وتقاتل بعضها البعض في أيهما أكثر حرصا على الفلسطينيين من أنفسهم وأدرى بمعاناتهم الحالية التي تتطلب اليوم قبل الغد اتفاقا للتهدئة لوقف حمام الدم الراهن، نعم المقاومة حققت اختراقات في هذه الحرب بصرعها أكثر من عشرين من جنود الاحتلال، ولكن الدم الفلسطيني الذي انهمر كان أغلى من كل مكسب ولابد من وقفه بأي ثمن.
الانقسامات التي أشار إليها أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس هي التي أغرت إسرائيل ابتداءً ببدء العدوان على غزة، وهي مع الأسف من عرقل المبادرة المصرية لوقف القتال، وبالتالي فإن حرب غزة الراهنة المستفيد الوحيد منها العدو الإسرائيلي مهما تكبد من خسائر، فهي كرست الانقسام وأضعفت وحدة الأمة.
[/JUSTIFY]العالم الآن – صحيفة اليوم التالي