عبد الجليل سليمان

طواقي الصحف

[JUSTIFY]
طواقي الصحف

يُكابد ناشرو الصحف، يكابد الصحفيون، وبالتالي يكابد القراء، لكن الفئة الأخيرة تكابد ضعفين، إذ تستقطع من قوتها اليومي لتدفع ثمن صحيفة ترتفع سنوياً بشكل متواتر و(غير مبرر)، إذ أن الدولة لا تقدم تسهيلات وليس (إعفاءات) من أجل تقليص تكاليف مُدخلات إنتاج الصُحف.

إذن، القُرّاء هم من يقع عليهم العبء الأكبر، ورغم كل ذلك لا يكتفي أصحاب المكتبات وأكشاك الصحف في الولايات – بهامش الربح الذي يستبطنه جُنيها الصحيفة، فيزيدون سعر النسخة من عندهم بين 25 إلى 50 بالمائة. وهذا ما حدث لي شخصياً في القضارف (اليوم التالي والانتباهة) بثلاثة جُنيهات، السوداني، المجهر، آخر لحظة، بجنيهين ونصف.

الغريب في الأمر أن البائع بالمكتبة رفض احتجاجي على ذلك، وأفحمني قائلاً: (اليوم التالي) دي في الخرطوم بتلاته جنيه!!

استغربت أن يغالط البائع الحقائق، وأن يغالط سعر النسخة المكتوب أعلى الصحيفة بطريقة واضحة، وأن يغالطني أنا الذي أعمل فيها، وأن يأخذ من قرائنا الأجلاء الذين نجهد أنفسنا ما وسعنا في إنجاز مادة صحفيِّة تُرضي أذواقهم المُختلفة، أن يأخذ منهم 50 بالمائة زيادة على النسخة مضاف إليها هامش الربح الذي يحتويه السعر الحقيقي (جنيهان فقط).

أحد قراء الصحف اليومية ممن تحدثت إليهم في باحة مكتبة النهضة بالقضارف، وهي التي تبيع بالأسعار أعلاه، على الأقل هي التي زرتها واشتريت منها وتحدثت إلى (بائعها) الذي (غالطني في نفسي)، أحد هؤلاء القراء قال لي إن هنالك صحفاً تكتب تحذيراً في صدر صفحتها الأولى مفاده (لا تدفع أكثر من جنيهين)، لكنهم رغم ذلك يبيعونها بجنيهين ونصف.

أصحاب منافذ توزيع الصحف خاصة في الولايات وربما أطراف العاصمة يأخذون من القارئ عنوة واقتدراً مبلغاً لا يستحقونه، لذلك على القارئ أن يحرض على أن لا يدفع أكثر من السعر المُحدد في الصحيفة.

على كلٍّ، كل شيء في السودان يمضي على هذا النحو من وضع الطواقي على الرؤوس، لكن طواقي الصحف أشد مضاضة على القلب من وقع الحسام المهند، لأنها النافذة الوحيدة التي تجعل (السوداني) المكلوم في كل شيء والمُغيب عن كل شيء يتعرف ولو بالقدر اليسير على ما يجري حوله وما يجري حوله لو تعلمون عظيم.

اللهم حوالينا ولا علينا، ولا تدفعوا أكثر من جنيهين.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي