الطاهر ساتي
ينتجون ال … توقف ..!!
** ويحمد للمصانع التي توقفت عن الإنتاج أن لها اتحادا يرثيها ويحي ذكراها في كل مؤتمر وسمنار .. أى هي ليست بمصانع يتيمة ينتهي عزاؤها بتوقف ماكيناتها عن العمل والإنتاج ، لا ما هكذا هي ، بحيث لها بواك يبكونها طول العام ، واتحاد الغرف منهم وكذلك لجنة الصناعة بالبرلمان ..هذه وذاك – شهادة لله – لم يتوقفا شهرا عن النحيب الصحفى وسكب دموع الورش تجاه تلك المصانع السبعمائة ونيف..لاحول ولاقوة إلا بالله ، بالله عليك صديقي القارئ : أعد قراءة الرقم « 722 » .. ثم لك أن تتخيل ماكانت تنتجه تلك المصانع للناس والبلد ، ثم لك أن تتخيل أعداد العمالة وأسرها التي كانت تسترزق منها بالكد والعرق ..توقفت ، فرثاها اتحادها ضحى البارحة حين مناسبة اللحظة بذكراها ، وسيرثيها الاتحاد أوغيره في مناسبة أخرى .. فترقبهما .. المناسبة والرثاء ..!!
** تأمل أسباب التوقف ، أوقل : دواعي الموت الجماعي ..وزارة الصناعة عاجزة عن إجازة قانون التنمية الصناعية ، وهو القانون المناط به مهمة حماية القطاع الصناعي من مطرقة العقبات الداخلية وسندان الوارد الأجنبي ..وسعر الكهرباء أكبر عقبة تواجه مصانع بلادي ، بحيث سعر الكيلو واط يساوي « 17 سنتاً » ..كأعلى سعر تدفعه المصانع في بلاد الدنيا والعالمين ..والاتحاد تلقى عرضا – من خارج دائرة هيئة الكهرباء – ينتج لمصانعهم الكهرباء بسعر واحد سنت للكيلو واط ، ولكن المصانع لن تهنأ بهذا العرض في وجود الهيئة التي لاترحم ولاتدع رحمة الآخرين تتنزل على المصانع ، ولذا يطالب الاتحاد بفك إحتكار الكهرباء ، إنتاجا وتوزيعا ..وهو مطلب مشروع ، لا للمصانع فقط ، بل لكل أهل البلد ، بحيث فاتورة الهيئة العامة – وكذلك فاتورة وحدة السدود المرتقبة – لن ترحما عباد الله ومصانعهم ما لم تجد منافسا قويا ينافسهم في الإنتاج والتوزيع والتسعيرة .. !!
** فاتورة الهيئة سبب توقف تلك المصانع ، وكذلك إغراق السوق بالوارد الأجنبي .. وليس من العقل أن تزرع الدولة السمسم وزهرة الشمس والفول السوداني ، ثم تفتح باب استيراد زيوت الطعام المصنعة من تلك الحبوب ، بلا ضوابط تحمى إنتاج مصانعنا.. مؤسف أن تأتي زيوت حبوبنا من مصانع الآخرين بسعر أقل من زيوت مصانعنا ..وأمام نهج كهذا ليس هناك مايدهش حين يخبرنا اتحاد الغرف عن تدني إنتاج الزيوت في السودان بنسبة « 15% » ..وكيف لايتدنى انتاج مصانعنا ويتدهور وهو العاجز عن منافسة الآخرين .. الضرائب لاترحم ، وكذلك الجمارك ، ثم الكهرباء ، أما الرسوم – الاتحادية منها والولائية والمحلية – فحدث ولاحرج ..مصانع محاصرة بكل هذه الأهوال ، ماذا ننتظر منها غير إنتاج التوقف المعبأ في كراتين ..« القلق والنعي » ..؟
إليكم – الصحافة الخميس 28/05/2009 .العدد 5718