الطاهر ساتي

فليكن السودان أولا …!!

[ALIGN=CENTER]فليكن السودان أولا …!! [/ALIGN] ** خبر تربوي : إدارة مدارس القبس للأساس تنظم معسكرا صيفيا لتلاميذها بالعاصمة الماليزية : كوالالمبور ..هكذا الخبر ، وليس فيه ما يدهش غير الدولة التي إختارتها إدارة القبس مكانا لمعسكر تلاميذها .. ماليزيا ، أو الفوبيا التي أصابت البعض بالدولة السودانية مؤخرا .. بحيث أصبحت ماليزيا – فجأة كدة – ملاذا آمنا وجاذبا للبعض الباحث عن الراحة أوالثراء أو كلاهما ..نعم فجأة ، وكأن رحالا سودانيا اكتشفها قبل نصف عقد من الزمان ..وحتما السواد الأعظم من أهل بلدي ليسوا من هذا البعض المصاب ب : ماليزيا فوبيا ..!!
** وبعد أن أصبحت مخزنا لأموال الناس ، ومرتعا للفارين من مشاكل الناس ، ها هي ماليزيا تنجح أخيرا في أن تطرح ذاتها معسكرا جاذبا لأبناء الناس أيضا .. ونعم مدارس القبس من مدارس البلد الخاصة ، لا خلاف في ذلك .. وكذلك أموال تلاميذها التي تصرف في معسكر ماليزيا أيضا أموال خاصة ، ما في ذلك شك .. ونعم لكل إداري بأية مدرسة ، و لكل ولي أمر تلميذ بأي مجلس آباء ، مطلق الحرية في أن يختار المكان المناسب لتلميذهما بحيث يكون معسكره الصيفي .. لهما مطلق الحرية ، فليكن المكان كوالالمبور الماليزية أو سهول البطانة السودانية ، هذا شأن يخص الإداري التربوى بالمدرسة وولي أمر التلميذ بالبيت ، ولا يخص غيرهما .. !!
** فقط لأن تلاميذ القبس هم بعض مستقبل البلد ، ثمة أسئلة تأبى إلا أن تطرح ذاتها ، ونأمل أن تتقبلها الإدارة بصدر رحب ، وهي من شاكلة : ما هي القيمة التربوية المرتجاة لهؤلاء الصغار من رحلة تستهدف دولة تختلف عن دولتنا في أشياء كثيرة ، أهمها : الثقافة واللغة ..؟..وهل الأفضل للتلميذ في هذا العمر أن يكتسب ويتشبع بثقافته ، أم يكتسب ويتشبع بثقافة الآخرين ..؟..علما بأن التلميذ المعني بمرحلة الأساس ، وليس بالثانوية أو الجامعة .. بمعنى ، هل وسائل التربية السليمة في مرحلة الأساس تقتضي تعريف التلميذ بربوع وطنه وثقافاتها وقيمها أم تقتضي الخروج به من دائرة ربوع وطنه وثقافاتها وقيمها إلي حيث ربوع أوطان الآخرين وثقافاتهم ..؟.. حسب ظني ، أن تلاميذ القبس وكل تلاميذ السودان يجب أن يعرفوا وطنهم – جغرافيا وثقافيا – قبل أي وطن ، بما فيه ماليزيا ..وصغار الخرطوم وأمدرمان وبحري – قبل سن النضج – بحاجة ماسة إلي رحلة يكتشفون فيها كردفان ، البحر الأحمر ، كسلا ، دنقلا ، نيالا ، وغيرها من الأمكنة التي يتخيلونها فقط حين تلمح أعينهم مواقعها وأسماءها علي ..« خريطة السودان » ..!!
** نعم ، الرحلة الخارجية لاكتشاف الآخر والاستفادة منه مهمة ، و أحسب أن لهذا النوع من الاكتشاف مرحلة تربوية وتعليمية ليست هي المرحلة الإبتدائية ، حيث أعمار الصغار « 6 ،، 14 سنة » ..والناشئ يجب أن يتربى أولا على حب وطنه : كما هو ..وبعد سن النضج عليه أن يحتك بالآخرين وأوطانهم ثم ينهل وينقل منهم مايفيد وطنه ، ولابأس أن يحبه بعد ذلك : كما يجب أن يكون ..ولهذا تنشط مدارس الدول الواعية في تنظيم معسكرات داخلية تجوب أرجاء تلك الدول طولا وعرضا في المراحل الأولية ، وحيث يصل صغارها سن المراحل الثانوية يمهدون لهم الطريق إلي حيث العوالم الأخرى ، ماليزيا وغيرها .. ولم أسمع بتلاميذ مرحلة أساس دولة نظمت لهم إدارتهم معسكرهم الصيفي خارج دولتهم ، ربما إدارة القبس سمعت بفعل كهذا ، فعلت .. ربما .. !!
** وبعيدا عن القبس وتلاميذها وماليزيا .. نأمل أن ترتقي مناهج التربية الوطنية في الوزارات الولائية إلي إنتهاج وسائل الرحلات الداخلية لتلاميذ الأساس في عطلاتهم الصيفية ، بحيث يعرف أدروب وأحمد أين وكيف يعيش ملوال ؟ ، ويعرف أسحق وآدم أين وكيف يعيش العوض وخليل ؟.. أجمعوا في قلوبهم هذا الوطن الماهل بالتآلف والتراحم والتلاقي ، بحيث ينشأون على حب المليون ميل أرضا وإرثا وإنسانا ، بدلا من التقوقع في بطون ذواتهم وقبائلهم وأعراقهم كما أفكار وعقول « بعض كبارهم » ..نعم ، علموهم حب الوطن أولا ، بترجمة قصيدة « في القولد إلتقيت بالصديق » إلي واقعهم .. أما حب ماليزيا ، فليكن لاحقا ..!!

إليكم – الصحافة الاربعاء 27/05/2009 .العدد 5717

‫3 تعليقات

  1. لله درك يا استاذ الطاهر.. كثير من الاحداث نمر عليها مرور الكرام دون ان نعرها التفاتا يا ليتناتركناكم كصحفيين تمارسون سلطتكم الرابعة خلال كل هذه المدة التي حدثت فيها احداث جسام كان يمكن معلجتها في حينها ولكننا كممنا افواهكم اخي الطاهر ومنعنا النشر تماما كالشخص الذي يغطي جراحه ظانا انه بحجبها يستطيع معالجتها وعندما يكشف الجرح يكون لا علاج ينفع حينهاالا البتر ونتمنى من الله الا نكون قد وصلنا مرحلة البتر

  2. كلامك عين العقل ايها الطاهر ، فعندما كنت فى الإبتدائى ببابنوسة ونظمت المدرسة احدى رحلاتها السنوية الى التبون، ظلت هذه الرحلة عالقة حتى الان بذهنى وبعد اكثر من 30 سنة حتى اننى اذكر تفاصيل الرحلة والطريق رغم وعورته ورغم حداثتى بمناطق كردفان حينها.

    لكن أظن ان قله حيلة المدارس واولياء الامور قد حدت من مثل تلك الرحلات المفيدة.

    اما الرحلات خارج السودان فهى مفيدة ايضا ولكن يجب ان تكون هذه الرحلات لطلاب المرحلة الثانوية وطلاب الجامعات، فشق الديار علم، والسفر يفتح المدارك ويعلم الناس كيف تتصرف فى المواقف المختلفة
    تحياتى

  3. لك التحية اخى الطاهر ولا اسكت الله فاك وياريت اولياء التلاميذ اتطلعوا
    على المقال وياريت افهموا القصد من المقال فى بلدى كل ثلاثاء الناس تذيد ثراء
    وناس تموت من عدم الدواء وماحاسد وربنا اتم المقاصد لكن والله عيب كبير
    السفر لى ماليزيا وكمان اطفال فى مرحلة الاساس والله يا لطاهر اجزم ان 95%
    من اولياء امرهم مؤتمر وطنى اللهم اصلح الحال المال والله الواحد اخجل
    بالله لو مشوا كسلا … الابيض … كادقلى … مش كان احسن