الذبح على الطريقة الغربية
*محكمة في دولة جارة وصديقة حكمت في جلسة واحدة على ما يقارب الخمسمائة مواطن بالإعدام، ولم تهتز للعالم الحر وغير الحر، ولا المنظمات الإنسانية والحقوقية، لم تهتز له شعرة ولم نقرأ له بياناً ولا تنديداً ولا تهديداً!
*وفي المقابل إن محكمة سودانية وعبر جلسات ماراثونية قد حكمت على مواطنة بالإعدام، قبل أن تنهض محكمة استئناف أخرى، وتلغي هذا الحكم، قامت الدنيا على إثر ذلك الحكم ولم تقعد ولم يقتصر بركان التنديد والوعيد على المنظمات الإنسانية، بل حتى المنظمات غير الإنسانية من الشرق إلى الغرب قد انتفضت وثارت، ولك في هذه الحالة أن تسأل ما القصة!
*والقصة برمتها أن حكم الإعدام السوداني قد تم على (الطريقة الإسلامية) وأن الذبح في تلك الدولة الجارة سيتم وفق القانون المدني الذي تعتمده الدول الغربية وتلزم به الآخرين.
*فالردة التي حكمت بها الدول الغربية على السودان جراء هذا الحكم تعود حيثياتها إلى أن الدولة فقيرة محتربة في هذا القرن الأفريقي البائس، قد ارتدت عن (الشرعية الدولية) إلى (الشريعة الإسلامية)، وهذا ما لم يسمح به (العالم الحر) والمؤلم في هذه التراجيديا الغربية أن أول شيء تنحره هذه الدول هي الحرية ذاتها التي تحرمها على الآخرين!
*يفترض أننا دولة لها حريتها قد اختارت من ثقافتها الشرقية وقيمها الإسلامية قوانين تود أن تتحاكم إليها ولا تلزم بها الآخرين!
*أنا هنا لا أتحدث عن جدلية الحكم الراجح في الإسلام تجاه المرتد المختلف حوله فقهياً، إذ أن هنالك متسع وجدل قديم في هذا الأمر، على أن كلا الخيارين إسلاميان، فهذا هو المبدأ الذي يرفضه الغرب، إذ أن حيثيات الحكم برمتها تنهض على قيم وقوانين محرمة دولياً، ولك أن تتخيل عزيزي المسلم أن قوانين شريعتك تنتهك القوانين والإعراف الدولية التي نهض عليه ميثاق الأمم المتحدة !
*فواجب الحاكم المسلم أن ينقل الجدل من مربع (التطبيق وعدم التطبيق) إلى مربع وجدل (هل هذا الحكم موافق للشريعة أم لا؟!) لأن كل الذين ناهضوا هذا الحكم خارجياً لم يكن منطلقهم، موافقة الحكم لكتاب الله، غير أن ثورتهم قد نهضت على مبدأ أن هذا الحكم لا يوافق الشرعية الدولية، والحالة العدلية التي عليها العالم الآن!
*فمن عبقريات الإسلاميين السودانيين جعل الجدل الداخلي يدور حول (أي الفقه رجاحة لمقابلة المرتد)! حتى غلاة اليساريين السودانيين لن يرفضوا المبدأ، ولكنهم رأوا أن ننزل على أيسر الأقوال الفقهية!
*غير أن الغرب الذي تلطخت يداه بدماء المسلمين في كل مكان، لم يكن مؤهلاً أخلاقياً ليعلمنا أي التشريعات أفضل، كما لم نصدق دموع تماسيح دهاقنة الحضارة الغربية الذين في ذمتهم دماء ملايين الأرواح، على أنهم يثورون لأجل روح واحدة!
*طربت الصحافة والجماهير باستدراك محكمة الاستئناف لأن الذي أزيح عن رقبته الحبل هو الشعب السوداني بأكمله!
[/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]