التسول من “المضايرة” إلى المعالجة
العام الماضي كنا قد استنكرنا على معتمد الخرطوم إعلانه عن حملة لمكافحة التسول في إطار عمله وأمله في خلق واجهة أنيقة ولطيفة للعاصمة بإخفاء الجراح النازفة تحت الثياب البيضاء..!
مكافحة التسول قد تكون نوعا من المضايرة وشتان ما بين (المضايرة) والمعالجة الحقيقية.. هل يعرف المعتمد نمر الفرق بين (المضايرة والكنس)..؟ المضايرة هي محاولة إخفاء المناظر القبيحة في البيت أو الغرفة حين تكون على موعد لاستقبال ضيف بمنزلك المبعثر والمتسخ.. أو يكون المعتمد على موعده الدائم كمسؤول مع انتظار المدح والشكر والثناء على تقارير (المضايرة) التي يقدمها للمسؤولين عنه..
أمس تغيرت اللغة وصارت (معقولة) وتناسب إنسانية هؤلاء المتسولين، يقول الخبر: (شكلت حكومة ولاية الخرطوم فريقي عمل لجمع خمسة آلاف متشرد ومتسول، ووجه والي الخرطوم عبدالرحمن الخضر، في اجتماع يوم الأحد، بتصنيف المتشردين عبر المراكز التي أنشئت لهذا الغرض، ومحاكمة وإبعاد الأجانب، ومحاكمة الذين يديرون شبكات التسول).
هذا هو المسار الصحيح والخبر نفسه يبعث بشيء من الاطمئنان الذي كنا نفتقده في الأخبار الصادرة عن مكتب المعتمد نمر.
معظمها أخبار هجومية كاسحة وماسحة وناسفة.. منذ حملاته الأولى على بائعات الشاي.
ونحن حين نحتج على منهج المعتمد لا نحتج عليه متعاطفين مع الفوضى أو مطالبين بترك مظاهرها بلا سائل ولا رقيب لكننا نستنكر التعامل مع الفئات الضعيفة بـ”كرباج” السلطة لأن في ذلك ظلم وطغيان لا يجعلنا نحترم أية خطوة تصدر من أصحاب وحاملي “الكرباج” حتى ولو كانت صحيحة..
الخرطوم وكل ولايات السودان تعيش ظروفا غاية في القسوة، وتلك الظروف من الطبيعي أن تتسبب في إفراز ظواهر كثيرة سالبة، ولكن يجب معالجتها بلطف وبانحياز كامل من الجهات التنفيذية لمثل هؤلاء الضعفاء والتعاطف معهم وإدراك أن معالجة قضيتهم هي من واجبات الوالي والمعتمد وليست (فضلة خير منهم).. أنت حاكم.. أنت راع.. وأنت مسؤول عن تلك الرعية وهذا المواطن السوداني منهم هو أحد رعاياك لا فرق بينه وبين أي مواطن آخر بالولاية.
نعتبر أن توجه الولاية لمعالجة قضية التشرد والتسول بآليات علمية ومتخصصة.. هو توجه صحيح يجب علينا أن ندفع به نحو النجاح لأنهم قدموا حسب توجيهات الوالي (المعالجة) على (المكافحة) وهذا ما يجعلنا نظن خيراً في هذا التوجيه بأنه لن يأتي في إطار الـ( مضايرة) بل المعالجة والارتقاء بأوضاعهم.. أو نرجو ذلك.
شوكة كرامة..
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي