الطاهر ساتي

يشكون ، ولكن .. لمن ..؟

[ALIGN=CENTER]يشكون ، ولكن .. لمن ..؟ [/ALIGN] ** شكاوى نواب البرلمان في الصحف تكاد أن تطغى على شكاوى عامة الناس .. طبعا نجد العذر للعامة حين تلجأ للصحف شاكية مؤسسات الدولة التنفيذية في عجزها عن تقديم خدمة ما ، حيث لا ملاذ للعامة إلا الصحف وبعض البوح ، عسى ولعل يخفف وطأة الحال ويشفي صدور قوم صابرين .. ولكن ما لانفهمه هو أن يتخذ نواب البرلمان أيضا الصحف فقط لاغير ملاذا لحالهم المهمش من قبل بعض مؤسسات الدولة التنفيذية .. نعم ، لا أفهم أن يتساوى النائب البرلماني والمواطن المغلوب على أمره في : عرض الحال ، ثم البكاء المر ، لأن جهة تنفيذية أخطأت أو أخفقت في آداء واجبها ..وما لم أكن مخطئا ، فان للبرلمان وسائل أخرى حاسمة لمعالجة تلك الأخطاء والإخفاقات ، ليس من بينها : التباكي و ..« الشكاوى» ..!!
** لايزال البعض هناك يبكى للصحف أويتباكى على صفحاتها بأن الشركات والوحدات الحكومية التى رفضت إخضاع حساباتها لديوان المراجع العام ، لا تزال رافضة ..تم تشكيل لجان ، إنبثقت عنها لجان ، وجهت النداء لتلك الوحدات والشركات ، ولكنها ضربت به عرض الحائط ، لتجتمع اللجان مرة أخرى لتوجه نداء آخر مصحوبا بالتهديد والوعيد ، ولكن حتى هذا النداء مع تهديده ووعيده التحق بركب النداء السابق بلا حس أو خبر ، ولا تزال هناك شركات ووحدات حساباتها بعيدة عن المراجعة العامة ..ولا يزال البعض في البرلمان يملأ الصحف بالتباكي و..«الشكاوي»..!!
** ذاك نموذج ، وهذا نموذج أخر ..قبل نصف عام تقريبا ، تم تشكيل لجنة برلمانية ، لم تنبثق عنها لجان ، مكلفة بمعرفة تفاصيل ماحدث للناقل الوطني – سودانير – عند الخصخصة ، وكيف حدث ماحدث ، ومن الشاري ومن البائع ، وكم الثمن ..؟..وغيرها من الأسئلة ، تلك اللجنة مكلفة بالبحث والتحري ثم عرض النتائج للنواب ..ولكن أسبوعيا تسكب اللجنة دموعها على صفحات الصحف لتشكى للناس عجزها عن معرفة أي شئ ..تشتكي أسبوعيا ، وتؤكد بملء نحيبها بأنها لم تجد أي معلومة ذات صلة بالمهمة ، وأن المؤسسة التنفيذية المناط بها تسليم المعلومات رافضة ..هكذا تنتحب اللجنة منذ كذا شهر .. ولاتزال ..وكأن مهمتها الرقابية في الدستور يجب تنتهي فقط عند حد التباكي ..و« الشكاوي » ..!!
** ذاك كان نموذجا ، وما يلي نموذج ثالث .. قبل كم يوم قدم بعض نواب البرلمان مسألة مستعجلة لاستدعاء وزير الدفاع لمساءلته عما حدث لشاحنات شرق السودان قبل كم شهر ..تأمل صديقي القارئ : كان الحدث في شهري فبراير ومارس ، وخلق دويا في وكالات أنباء الدنيا والعالمين ، ولكن مسألة النواب المستعجلة لمعرفة ماحدث تم تقديمها الأسبوع الفائت .. دي حالتها مسألة مستعجلة !!!..ربما لولم تكن مستعجلة لقدموها في ذكرى مرور عام على الحدث ..المهم : مع ذلك ، لم يتم المساءلة ومعرفة ماحدث لعدم اكتمال النصاب يومئذ ، كما قال رئيس البرلمان ووزير الدفاع ..وكذلك حدث الغدر التشادي ، حيث تقدم البعض بطلب المساءلة ، وفيما بعد أفادهم رئيسهم بأن الوزير المطلوب للمساءلة « برة البلد » .. وهكذا ، لايزال البرلمان يجهل تفاصيل الحدث ..ولايزال البعض – كما العهد بهم دائما عند كل تجاهل – يمارس فضيلة التباكي و..« الشكاوي » ..!!
** ذاك نموذج ، وحتما في ذاكرتهم نموذج رابع ..وخامس ..و سادس ..و…و..و..وكلها تنتهي بالتباكي والشكاوي ، وكأن سلطة البرلمان تنتهي عند هذه وذاك ..إذا كان البرلمان عجز عن استخدام النصوص الرقابية تجاه مؤسسات الدولة التنفيذية ، فعليه أن يصدر صحيفة خاصة بشكاويه وعرضحالاته .. بدلا عن مزاحمة القراء في ..« صحفهم » ..!!
إليكم – الصحافة الاربعاء 20/05/2009 .العدد 5710