إذن لماذا تحاربونهم ..؟
قبل يومين أعلنت وزارة الصحة بولاية الخرطوم عن نتائج مسح ميداني أجرته فرقها الباحثة حول استخدام الأعشاب والطب الشعبي في العلاج وسط الأطباء والمواطنين بالولاية، وقد كشفت المسوحات الميدانية عن أن «51%» ـ واحد وخمسين في المائة ـ من الأطباء يلجأون إلى الأعشاب لمعالجة أنفسهم وأسرهم.
ذات المسوحات أكدت على أن نسبة المواطنين الذين يستخدمون الأعشاب قد ارتفعت إلى «93%» وأن «98%» من مواطني الولاية يقولون إن الطب الشعبي يحسن صحتهم، وفق ما جاء في نتائج البحث الذي أجراه الدكتور عبد الرحمن العشي مدير إدارة البحوث بالوزارة، وإن «64%» من عينة البحث يعتبرون أن العلاج بالأعشاب العطرية أكثر فاعلية من الأدوية العادية، وإن الذين يرون في استخدام الأعشاب مخاطر أو آثار جانبية لا تتعدى نسبتهم الـ «9.2%» أي لا تصل إلى الثلاثة في المائة.
وفق نتائج المسوحات الميدانية التي أجرتها وزارة الصحة ثبت أن «58%» ـ ثمانية وخمسين في المائة ـ من أطباء الخرطوم يرون ضرورة إدخال الطب الشعبي ضمن مبادرة الهادي بابكر مدير إدارة النباتات الطبية والعطرية، وأن «6%» ـ ستة في المائة» فقط هم الذين اعترضوا على ذلك، وأن «66%» من الأطباء يرغبون في تلقي كورسات في الطب الشعبي.
وزارة الصحة في ولاية الخرطوم كانت شجاعة إلى درجة عالية «مرتين» الأولى عندما قامت بتلك المسوحات والبحوث الميدانية، والثانية عندما أعلنت نتائجها بكل ما تحمله من مفارقات قد لا يصدقها المواطن العادي، كأنما تجيء دعوة له بأن يفارق درب العيادات والمستشفيات، ويتجه صوب العطارين في أسواق الخرطوم العديدة.
مسؤولو الصحة قالوا إن البحوث تستهدف الوصول إلى القرارات السليمة بشأن تنظيم التداوي بالأعشاب، وتقييم الوضع الراهن، إلى جانب إجازة لائحة تنظيم تداولها في العام 2013م الموجودة على منضدة المجلس التشريعي بالولاية.
بيوتنا لا تخلو من «القرض» و«الحلبة» و«الكمون» و«الشيح» و«الدمسيسة» وغيرها، نستخدمها منذ الصغر وننقل ثقافة وطريقة استعمالها لأبنائنا وبناتنا، ونقاطع ما استطعنا الأدوية المركبة والكبسولات المعبأة بالوصفات الكيميائية وغيرها مما تدفع به مصانع الدواء إلى الصيدليات، ومنها إلى أفواهنا ومن ثم إلى أجوافنا ودواخلنا.
قبل أسابيع قليلة تعرضت لوعكة صحية طارئة دخلت كل أنواع الأدوية والمحاقن ومحاليل التغذية «الدربات» لحصارها، لكن إحدى السسترات المتميزات من ذوات الخبرة، همست في أذني وأذن زوجتي طالبة إلينا ألاّ نلقي بالاً أو نشغل أنفسنا باستخدام كل هذا الكم الهائل من الدواء.. وقالت: «إفعلوا ما أفعله» وسألناها عما تفعل فقالت أستخدم النعناع المجفف المسحوق على الريق، وأمضغ الكمون الأسود قبل أن أبدأ يومي.
عملنا بالنصيحة.. وقد أثمرت، لذلك نتساءل إذا ما كان هذا هو موقف الأطباء ووزارة الصحة، فلماذا تتم مضايقة العشابين ومطاردتهم «؟» نرجو أن نهتم ـ كدولة ـ بهذا الأمر فهناك عدة دول خاصة في آسيا أنشأت كليات طب خاصة بالطب الشعبي، الذي قوامه الأعشاب.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]