أصلهم دفنوا كيبل
*لمّا كنّا نمر بشهر ربيع فاضت أعين الرجل بالدموع، قال لي (السودانيون يطلقون) على شهر ربيع شهر مولد الرسول صلى الله عليه وسلم اسم (الكرامة) ثم يطلقون تعبير (الخير) على المصطفى صلى الله عليه وسلم.
* تساءلت عن سر هذه البكائية التي تفيض بها أشعاره في الفترة الأخيرة وقصصه وأحاديثه.
* قالت إن هنالك كثيرين لا يشعرون بذنوبهم، وأنا أحس بذلك ثم..
* قلت إن (بعض ربعنا) على الطريقة الحجازية تجد الواحد منهم يقبر الدته ثم قبل أن يجف قبرها يقف في الناس خطيباً (بأن العزاء قد انتهى بمراسم الدفن)!
* قال الرجل (هو أصلو دفن ليه كيبل أم دفن ليه بني آدم؟).. يا مولاي ديل فقدوا قيمة الإحساس ونعمة الدموع.. ألم يحزن الرسول صلى الله عليه وسلم.. وألم تفض عيناه بالدموع حزناً على ابنه إبراهيم..
* سردت له قصة الشهيد الزبير محمد صالح، حدثني أحد مرافقي الشهيد ذات عمرة، إنهم قد شاهدوا أحد المعتمرين وهو يمسك بأستار الكعبة ويبكي بكاء شديداً، قالوا للشهيد، ولم تنزل منهم ساعتئذ دمعة واحدة إن هذا الرجل الذي يبكي نعده في السودان من الشيوعيين، قال الشهيد (كل زول يبكي قدر ذنوبه)!
* قلت لضيفي الأستاذ سبدرات، ونحن ليلتها نسجل برنامجاً إذاعياً مع رجل الشعر والوزارة والقانون، قلت (إن كان الذين في ماضيهم بعض أوزار اليسار يحتاجون أن يبكوا أكثر)!
* قال إن الدموع لا تخضع لهذه القسمة، ولكنها حالة إنسانية، فأنت أكثر إنسانية ما دمت تتمتع بنعمة الإحساس، والإنسانية في قمتها هي الفطرة والدين والتفاعل والإحساس والدموع..
* قال لي الدكتور عصام أحمد البشير مرة “إننا تركنا لسبدرات الوزارة والقانون والشعر، ولكنه زاحمنا في عقر مهنتنا، وهو يصدر كتاب تأملات في سور محمد والرعد والكهف”!
* قال إن عصام لا يجاري (وهذا كاره)، وبالمناسبة يقول سبدرات هاتفت عصام اليوم وهو يتعافى في منتجع بدولة الدنمارك، فقلت له (أنت في منتجع وأنا في وجع)، يضيف وقلت له مازحاً.. (ما تجي من كوبنهاجن مباشرة لتقول لنا قد ثبتت رؤية هلال رمضان.. ربنا يعجل بشفائه وعودته).
* يا مولاي أنا محض متأمل، مرة قلت لشيخ حسن لي تأملات.. قال الشيخ. أوعى تمشي تستخدم التفاسير ولكن اعتمد على اجتهاد رؤيتك انت، فقلت له كيف هذا وإنتو ما خليتو الطبري والزمخشري وكل التفاسير.. وأنا أحتاج لرواب أبني عليه..
* يطربني في هذه المدرسة الشيخ الكاروري وهو شيخ مدرسة المتأملين وله رؤى جهيرة وجريئة..
* قلت.. ألا تحتاج نخبنا لمزيد من ثقافة تنزيل زجاج السيارات والالتصاق بالشعب.. قال مازحاً (الانتخابات قربت ولّا شنو؟)..
* شوف يا مولاي أقولك.. (السودانيون لا أخشى عليهم من ثراء وبطر ولا من فقر، فهم لا يحتاجون إلى فرمان حكومي ليتكافلوا، هذه قيمة قديمة مركوزة في وجدانهم.
* نظرت في أجندة أسئلتي فوجدتها لا زالت في بداياتها، ونظرت في ساعتي وليتنا في نهاياتها، وهي تمضي إلى الثانية عشرة.
* سادتي المستمعين، لا أملك في ختام هذه الحلقة إلا أن أشكر هذه (المدينة المدهشة) التي تدعي (سبدرات)، نحتاج لمزيد من الوقت الذي أدركنا لنتنزه في حدائقها ونقطف المزيد من ورودها وثمارها.
تصبحون على خير
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]