عبد الجليل سليمان

واطلبوا الفيفا يؤذن

[JUSTIFY]
واطلبوا الفيفا يؤذن

للشيخ (محمد أحمد حسن” مُريدون ومُريدات كُثر ممن يستحسنون أسلوبه الخطابي البسيط، ولغته المباشرة، لكن الراصد الحاذق لهذا الخطاب سرعان ما يكتشف أنه يستبطن بين تضاعيفه مواطن ضعف وخلل كبيرين، فيبدو على بساطته وكأنه مكرس للتضليل و(حاشا)، لكنه كذلك إذا ما فككناه بعيداً عن مصدره (الشيخ محمد حسن)، وتعاملنا معه من وجهة نظر نقدية محضة. هنا سرعان ما يتداعى الخطاب برمته وربما (يهلك) هلاكاً مبيناً، إذ أنه يقدم معلومات خاطئة بالضرورة ستنبني عليها نتائج خاطئة. وهذا ما ظللنا ودأبنا نلفت إليه الشخصيات العامة ونحثها على (تكريب) خطاباتها ورسائلها قبل بثها بين الناس.

ولأن المتاح من الحبر والورق هنا غير كافٍ لتقديم مرافعة عن مجمل الخطاب الديني (السوداني الراهن)، خاصة (المنبري) منه، فإنني سأكتفي بـ (أجر المناولة)، فيما يتصل بخطاب الشيخ محمد حسن، وفي ذلك سأستعرض آخر ما وصلنا منه عن طريق (حكايات) وصديقنا (أحمد محمد أحمد) الذي نقل عنه أنه دعا إلى مقاطعة كأس العالم وعدم مشاهدة مبارياته، وأنه وصف المنافسة بالفتنة التي تشغل الناس عن أمور دينهم ودنياهم، مطالباً (فيفا) بمراعاة شعائر المسلمين، وأن تكون مواعيد المباريات مناسبة حتى يتمكن المسلمون من أداء صلاة الصبح في موعدها.

وهنا يستطيع أي ملتق للخطاب أن يتوصل بسهولة إلى العقبة التي وقف فيها، وهي قوله: “وأن تكون مواعيد المباريات مُناسبة حتى يتمكن المُسلمين من أداء صلاة الصبح في موعدها”، فأي مسلمين يعني الشيخ، وأي صلاة صبح يقصد، فصلاة الصبح في البرازيل تختلف مواعيدها عن صلاة الصبح في سيراليون واندونيسيا، والبوسنة والهرسك، وجزر الهند الغربية، وصحراء كلهاري. ليس ذلك فحسب بل إن صلاة الصبح في الجنينة لا تقام في ذات مواعيدها التي في بورتسودان، لذلك دأبت الإذاعة والتلفزيون عند بثهما النداء (لأي صلاة كان)، أن ينوها المستعمين والمشاهدين على مراعاة فروق الوقت.

فكيف يا ترى صعدت فكرة مطالبة الفيفا بتوفيق مواقيت مباريات كأس العالم حتى تتناسب مع مواقيت صلاة الصبح إلى رأس الشيخ فأطلقها دون أن يرف له جفن، فبدا وكأنه لم يسمع قط بعبارة (فروق الوقت) وخطوط الطول وعلاقتها بذلك.

الغريب في الأمر أن الشيخ ظل يلح في السؤال، وهو مندهش (بالله في كورة بتنتهي الساعة 2 صباحاً، وكورة بتنتهي الساعة 3 صباحا؟) وكأنه متصور أن كأس العالم مُنعقد وملتئم باستادات ولاية الخرطوم! فالبرازيل تتأخر عن توقيت قرينتش بثلاث ساعات وعن توقيت مكة المكرمة بست، وعليه عندما تكون الساعة الرابعة عصراً في (ساوباولو) فإن العاشرة ليلاً تكون قد حلت على فضيلة الشيخ وهو في الخرطوم. وقياساً على ذلك، فإن على الشيخ مراعاة فروق الوقت وإجراء العملية الحسابية الآتية: إذا كانت الخرطوم تتقدم في التوقيت على (برازيليا) بـ(6) ساعات وبرازيليا تتأخر عنها بـ (6) ساعات، وكانت الساعة في الخرطوم (3 صباحاً)، فكم تكون في برازيليا؟

ثم: واطلبوا الفيفا يؤذن لصلاة الصبح فينا.
[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي