تقسيم العراق
هل يتعرض العراق للتقسيم أم ينزلق رويدا رويدا إلى حرب أهلية، أم أن ما يحدث فيه هو تجلٍّ آخر لما حدث في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا من ثورات الربيع العربي؟، أسئلة كثيرة تلوكها وسائل الإعلام الدولية بينما الأوضاع على الأرض تزداد اشتعالا، وقد يفتح هذا الحريق الباب واسعا أمام عودة الولايات المتحدة من خلال الجو أو الأرض للعمليات العسكرية في العراق، كما أن ذات الباب سيغدو مشرعا لإيران التي أعلنت أنها ستدافع عن المقدسات الشيعية في العراق، أما باب التحالف المحتمل بين طهران وواشنطون في الأزمة العراقية لا يزال موارباً، وهو أقرب إلى أن ينفتح على واقع جديدة من العقيدات ليس فقط في العراق، بل في الشرق الأوسط عموما على خلفية الحرب الخفية بين إيران والسعودية، والتي يرى مراقبون غربيون أن النسخة الأحدث من الصراع في العراق الآن ما هي إلا حرب بالوكالة بين السعودية التي تدعم السنة وإيران التي تدعم الشيعة وتملك نفوذا قويا على حكومة المالكي بالعراق، وهو ما يؤكده رئيس ائتلاف الوطنية إياد علاوي بوجود تنسيق أميركي إيراني في الشؤون العراقية عندما يقول إن الوجود الإيراني له تأثير في القرار الإستراتيجي العراقي، وأن إيران الآن هي اللاعب السياسي في العراق.
حكومة المالكي بعد فشلها السياسي والأمني دعت إلى التدخل الأمريكي في العراق دون أن تجترح حلا للأزمة الطائفية المعقدة التي تنذر بتقسيم العراق على أساس الطوائف وتقويض أركان الدولة العراقية الحديثة التي جرى تخريبها منذ الغزو الأمريكي في العام 2003 لصالح سيطرة طائفة معينة وتهميش طائفة أخرى لفرز تلك السياسة التي باركها المحتل الأمريكي بالسكوت عنها طوال سنوات تبلورها وحتى انفجارها على هذا النحو الدامي من الصدام بل إن الغزو الأمريكي للعراق هو السبب الرئيس وراء إشعال الفتنة الطائفية عندما قسم العراق على أساس طائفي ونص في الدستور على تولي المناصب على أساس المحاصصة الطائفية.
تطورات الأحداث في العراق الآن تبدو كمقدمة لتغيير شامل لخارطة العراق المرشح إلى التقسيم إلى دويلات ثلاث كردية وسنية وشيعية، وهو التغيير الذي سعى إليه الاحتلال الأمريكي للعراق سرا وعلانية بإنهاء الدولة المركزية في العراق التي تعود إلى عشرينيات القرن الماضي، ورغم الوضع الخاصة لإقليم كردستان ظلت الأقاليم العراقية في وحدة تراتبية ووطنية متماسكة، ولكن سياسات حكومة المالكي التي سعت إلى تهميش العرب السنة، أفرزت حركات الاحتجاج والاجتياح المسلحة للمدن التي تمور بها العراق اليوم، وهو ما يعجل بتقسيم العراق من خلال تكون الدولة السنية في مقابل دولة المالكي الشيعية.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي