نموت عندما.. ونعيش عندما..
< والفرنسيون «وراجع ـ ديورانت» يسرقون من السودان حكاية «الخلاص» بتشديد اللام.. < وأنا ما بفسر وإنت ما تقصر!! < وسعد الله ونوس في سوريا حين يكتب أبرع مسرحية عام 1967 «ليلة سمر من أجل حزيران» كان يسرق قصة تنسب إلى الخليفة التعايشي. < وبارك الله له في سرقته فقد أفلح، في تقديم شيء مهم جداً. < التفسير.. < والتفسير المريح لما يحدث..!! حتى وإن كان ما يحدث هو كارثة مثل هزيمة 1967م. < والتفسير.. تفسير ما يحدث الآن من أحداث هو ما نظل نطارده ونطلب من الدولة تقديمه.. ونرمي نوافذ الحكومة بالطوب. < فالأحداث حين لا تفتح تظل ولها كل صفات الدمل النابح حين لا يفتح. < تنبح وتصنع السهر والحمى. «2» < ونصرخ لسبب بسيط هو أنه إن لم تقدم الدولة تفسيراً ذهب الناس يصنعون تفاسيرهم هم.. للأحداث. < وهي عادة خراب.. خراب. < والإنجليز الذين لا نحبهم بارعون في صناعة الدعاية لسبب.. هو أنهم يعرفون النفوس. < ويعرفون ما يصنعه الناس حين لا يجدون تفسيراً. < قالوا: : في حجرة قطار صغيرة جلس أربعة من الركاب متقابلين. < امرأة عجوز وشابة.. وإنجليزي وألماني. < والقطار يدخل نفقاً مظلماً والغرفة تظلم تماماً. <ومن الظلام يسمع صوت «قبلة» ثم صوت «صفعة». <والقطار يخرج إلى الضوء والألماني يمسك بخده المحمر من صفعة جامدة. < لم يقل أحد شيئاً.. < والألماني كان يقول لنفسه : هذا الإنجليزي قبَّل هذه الفتاة وأرادت أن تصفعه لكنها صفعتني أنا. < والفتاة قالت لنفسها : هذا الألماني أراد أن يقبلني .. لكنه قبل العجوز هذه فصفعته. < قالت العجوز في نفسها : هذا الشاب قبل هذه الفتاة.. وصفعته. قال الإنجليزي، لنفسه: < قبلت راحة يدي.. وصفعت هذا الألماني الأحمق!! < تفسير الأحداث في النفوس.. حين لا تجد تفسيراً هو شيء شبه هذا.. دائماً. < وأحداث الدولة.. الأسابيع الأخيرة بالذات.. كلها تحتاج إلى تفسير وتفسير. والناس حين لا يجدون التفسير المريح يذهبون.. لصناعة تفاسيرهم هم. < وبتشجيع من شخصية خامسة تجلس مع الأربعة في القطار.. قطار المجتمع الآن.. وتقود الأحداث في حقيقة الأمر. < المخابرات العدو!! < والمخابرات.. التي تعرف النفوس.. تجعل من الضيق الاقتصادي منتجاً هائلاً للسخط. < والسخط يقود النفوس.. في تفسيرها للأحداث. <والسخط هو أبرع من يرفض كل حسنة ويشعل كل سيئة. < والدولة.. بسكوتها.. تصبح هي الحطب الذي يلهب النار. نار المجوس المحروسة. < وقضايا الفساد.. والأراضي والشركات.. والتهريب والنيابات.. زحام من القضايا المشتعلة.. كلها تزدحم والدولة من هنا تسكت.. والدولة من هناك تقول للإعلام: < هـ س س.. س. < والدولة تصبح هي حمالة الحطب لمن يشعله تحت أقدامها. < وما يرسم السخط ليس هو حديث الناس عن الفساد.. «فهو فساد.. نعم.. والحديث حوله مفهوم.. نعم». < ما يرسم السخط هو أن شيئاً مفهوماً مثل ابتعاد القيادات الخمسة «علي عثمان ونافع وغيرهما» يجعله السخط نوعاً من الخراب والصراع. < و.. و.. < ومدهش أن الترابي كان يتنبأ بهذا عام 1985م. < وفي بيت الترابي عام 1985 وليل الشتاء بارد كان الترابي يسأل جلساءه : متى تظنون.. أننا نحكم؟ والتيار الكهربائي ينقطع. < ومن الظلام قالوا : بعد عشرين سنة. قال: بعد خمس سنوات نحكم. <والصمت تحت الظلام. < وتنهيدة حارة تصدر من الشيخ. < قال في حسرة : لكن الصراع بينكم يومئذ.. لكن الصراع بينكم يومئذ. «3» < الدولة الآن.. تحت غليان العالم الآن.. ليست هي من يطعم الأفواه.. الدولة الآن هي .. من يحمى الأجساد.. ذاتها.. التي تأكل الطعام. < والدولة لا تحتاج إلى أكثر من أصبع يشير إلى خراب سوريا وليبيا و مصر و.. و.. ويعيد تفسير الأحداث هناك. < والدولة تقود المواطن حين لا تنفصل عنه. < ولا تنفصل عنه حين تقدم تفسيراً حقيقياً.. حقيقياً.. حقيقياً.. لكل شيء. <و تقود حين لا ينفصل بعضها / هي/ عن بعض. [/SIZE][/JUSTIFY]آخر الليل - اسحق احمد فضل الله صحيفة الانتباهة [EMAIL]akhrallail@gmail.com[/EMAIL]