وصفة عاجلة لإنقاذ الحوار الوطني!
ثبت تماما أن الحوار الوطني يمر بمرحلة حرجة للغاية وهذا يلزمنا بالنقاش الجاد والعادل حول المطلوب لإنقاذه.
هنالك حل مختصر وسهل يهرع له الناس دائما وهو إدانة خطوات الحكومة وإجراءاتها واتهامها بالردة نحو الشمولية ومطالبتها بالتنازل الفوري. هذا الحل قريب وفي متناول اليد ومتاح ولكنه في تقديري فيه تحيز وحكم مسبق ضد طرف.
من مشكلات هذا الطرف وهو الحكومة أن أفعالها مادية وملموسة وذلك لأنها حكومة وليست حزبا سياسيا… ولكن القوى السياسية أفعالها غير مرئية وغير ملموسة.. ما تقوم به تحركات سياسية وإتصالات وتنسيق مواقف.
بصورة عامة… أنا أقبل نقد المعارضة ولجنتها السباعية للحكومة في موضوع الحريات والندوات… وأقبل دفاعها عن أي حزب يتم منعه من إقامة ندوة أو اعتقال منسويبه في مظاهرة أو محاكمتهم وإدانتهم.
أتوقع أن تركز الأحزاب على حقوقها السياسية وحقوق المواطنين في ممارسة السياسة… أتوقع أن تركز على قضايا الحريات الصحفية لأنها تصب لمصلحة إنجاح الحوار مباشرة.
أتوقع من الأحزاب أن تتذمر من القيود القانونية وتقدم طعنا فيها في المحكمة الدستورية… وأن تكون هنالك جمهرة من المحامين والناشطين في شارع البلدية لتقديم الطعن… وأتوقع أن تأتي الكاميرات وتصور… وإذا تم اعتراضها لوجدتنا الأحزاب و المحطات الإعلامية في صفها… نعم حتى فضائية الحرة المملوكة لوزارة الخارجية الأمريكية تستحق الدفاع لو كانت القضية هي تصوير نشاط سياسي قانوني.
ولكن كيف يمكن أن نتفهم إذا قفزت الاحزاب على كل هذا لتتحدث عن قوات الدعم السريع وتدينها؟… كيف نتفهم أن تترك الاحزاب ما يهمها ويهددها لتتولى ما يهدد قطاع الشمال والجبهة الثورية؟.
ربما يكون هنالك تنسيق… وهنالك اتفاق على خطة لاختطاف الحوار من طور التسوية الوطنية ووضعه في مسار التصعيد وإسقاط النظام.
في هذه الحالة ربما يشك المرء بأن هنالك ظاهرا وباطنا في عمل الأحزاب… وأن ما يبدر من الأحزاب “فعل” وما يبدر من الحكومة “رد فعل”… حتى وإن بدا عنيفا ومشوها!.
بالنسبة لي المشروع النقيض للنظام الحمالي هو نظام محاصصة جهوية تقوم على أنقاض الجيش الوطني والحكومة الوطنية… ويتم إسباغ شكل انتخابي ديموقراطي على هذا المحاصصة.
دور الأحزاب هو تيسير هذا الأمر واستلام “الفيه النصيب” من النظام الجديد.. لا أكثر ولا أقل.
ما نرغب فيه حقيقة… عودة الحوار وإنهاء أي اتصالات أو علاقات بين القوى السياسية والحركات المسلحة ولو كانت تحت مبرر دعوتها للحوار… نعم فليتم الحوار بمن حضر من الأحزاب المدنية السلمية وكان الله يحب المحسنين.
[/JUSTIFY]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني