الصادق الرزيقي

قبل الرمي يُراش السهم

[JUSTIFY]
قبل الرمي يُراش السهم

< أعطى نجاح ورشة الإستراتيجية القومية أولى ورش المؤتمر القومي الثاني لقضايا الإعلام، مؤشراً لما سيكون عليه المؤتمر الذي سيلتئم نهاية يونيو الجاري، وكانت الورشة من حيث الحضور والنقاشات والحشد موفقةً للحد البعيد، غير أنه تلاحظ غياب رموز إعلامية وصحفية كبيرة آثرت الصمت والغياب، ربما للظرف الراهن المتعلق بوضع الحريات الصحفية وما علق بجلباب الحرية السياسية والحزبية من سوء، بعد أن كانت بيضاء عقب إطلاق عملية الحوار الوطني في يناير الماضي. < ومن المهم للغاية ترافق ما هو سياسي وإعلامي في هذه المرحلة، حتى لا تتأثر الأجواء العامة بالأغبرة الكثيفة والزوابع الرعدية في سماء العمل السياسي، حيث تُثار شكوك حول جدية الحكومة في السير إلى نهاية الشوط بتعهداتها بإصحاح البيئة السياسية وتهيئة الأجواء لحياة حزبية معافاة من أدران الماضي ومعيقاته. < وتلاحظ أن الوضع الراهن في ظاهره يتناقض مع موجبات المؤتمر القومي الثاني للإعلام، وقد حاصرته أحداث ووقائع لها صلة بقضايا أخرى لكنها انعكست عليه وجردته من أهم ميزة لصالحه، وهي استثمار ما نتج عن أجواء الحرية قبيل تأزمها لصالح أهداف ومرامي المؤتمر، وبالطبع أية حالة نكوص مهما كانت نسبتها ومداها تؤثر بلا شك على صدقية الحكومة وجديتها، وتشكك في أن المؤتمر يمكن أن يحقق مقصده الذي من أجله تمت الدعوة إليه. < فالحرية الإعلامية هي المدخل إلى الحريات العامة، وبوابة الدخول إلى الفضاء الواسع من الانتعاش المطلوب للعمل الحزبي والسياسي والصحفي، وشرط مهم من شروط صحة الإجراءات المتبعة لتعزيز المناخ الديمقراطي، فإذا لم تنجح الحكومة في اجتياز هذا الامتحان وتظهر قدرتها على تقبل الآخرين ومحاورتهم بالحسنى وكف أيديها وغلواءها في الاعتساف والتضييق على مخالفيها، وإبداء نوع خلاَّق من التسامح، فإنها ستحكم على كل منشط له صلة بالحريات بالفشل الذريع. < ومن المحزن أن تكون كل هذه التحضيرات الناجحة والتجهيزات الكبرى لمؤتمر الإعلام، في مواجهة التحدي الحقيقي على الأرض، بأن الحكومة تأخذ بيدها اليسرى ما تعطية باليمنى، تسمح للإعلاميين بالتحدث مع بعضهم ومع أركان الحكم والدولة، وتصطخب القاعات.. ثم لا شيء بعدها.. وتبقى الصورة على عتمتها وقتامتها، ويبقى الأثير مغبشاً، مشوشاً، مغشوشاً. < ومن المحزن أيضاً أن تكون هناك آمال كبار معلقات كما الثريات، على سارية هذا المؤتمر تجعل منه قنطرة تعبر بها وسائل الإعلام في مجالاتها المختلفة إلى مربع جديد، ثم لا نجد أن هناك قنطرة قد شيدت ولا طرقاً رُصفت ولا أوضاعاً تبدلت، فمرهون بهذا الائتمار تجديد مفاهيم العمل الإعلامي ووضع قواعد ولبنات تؤسس لمرحلة بناءة في الأداء العام للإعلام تعيد تعريف دور الإعلام وتستكنه تأثيراته القوية على مسار الحياة في ظل المستجدات الراهنة. < وباتت حرية العمل الإعلامي والمسؤولية المنضبطة بالسلوك المهني وقواعده، هي بطاقة الدخول في الملعب والمسرح المُراد الوجود فيه وسط عاصفة وموج مضطرم من العوائق والمشكلات والمثبطات، فأية شكوك تتعلق بالإرادة الفاعلة والجادة لدى الحكومة، ستجعل الثقة مفقودة تماماً في إصلاح شأن الإعلام ومداواة أدوائه الكثر التي أعيت المداويا!! < ولذلك يتوجب على الحكومة أن تلتقط معطيات الراهن الماثل أمامها، فتدافع قطاعات واسعة من الإعلاميين والإحجام نوعاً ما من نفر منهم وخاصة أرباب العمل الصحفي، يعطي الحكومة رسالة واضحة بأن هناك حماساً لدى طيف واسع متطلع إلى واقع جديد، وهناك ظنون لم تزل باقية في النفوس بأن الدولة قد لا تنجح في الامتحان الذي وضعت بنفسها أسئلته ثم تولت كتابة الإجابات عنها.. فعلى الحكومة أن تُحسن تهيئة الأجواء قبل المؤتمر وتفتح النوافذ لتجديد الهواء.. فقبل الرمي يُراش السهم كما قالت العرب!! [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة