عبد الجليل سليمان

والموز يكتل

[JUSTIFY]
والموز يكتل

العنوان أعلاه لبرنامج شهير كنت أدأب متى ما أتيحت لي الفرصة على مشاهدته على تلفزيون (بي بي سي)، ولا زلت أذكر مقدم البرنامج المبهر وهو يوقل “اسمي ستيف، أنا وفريقي في مهمّة للبحث عن أكثر ستّون فتاكاً من الحيوانات، وأنتم سترافقونني في هذه الرحلات و المغامرات”.
وأنا هنا مثل استيف تماماً أبحث عن (ستين قاتلاً)، ليس في الغابة ولا بين الحيوانات، وإنما بين الناس وفي تقارير وزارة الصحة، وبين ثنايا تصريح الجانوتي الشهير (عابدين درمة) الذي أدلى به لـ (حكايات) أمس.
ومنذ العام (2011م) ظللت أتابع تقارير (غير تفصيلية) صادر بين الفينة والأخرى من وزارة الصحة الاتحادية، وفي ذات العام صدرت دراسة لنيل درجة الماجستير أكدت أن تحاليل عينات من مياه الشرب في العاصمة أثبتت وجود قيم عالية للأكسجين الحيوي المطلوب بما يعطي مؤشراً للتلوث.
وكانت (اليوم التالي) نشرت خبراً الجمعة 24 يناير 2014نم، نسبت فيه إلى مدير إدارة صحة البيئة بوزارة الصحه (صلاح الدين المبارك) إقراره عن وجود إشكالات حقيقية تواجه البلاد بشأن تلوث التربة والسلامة المهنية والإصحاح البيئي والمسح الغذائي وسلامة المياه، وشدد على أهمية بناء نظم فاعلة لرصد معدَّلات تلوث المياه والأغذية وإجازة قوانين وتشريعات حاسمة لعلاج إشكالات البيئة وتأهيل الكوادر العاملة في هذا المجال بالولايات.
وكان مدير إدارة نواقل الأمراض بالبرنامج القومي لمكافحة الملاريا (حمودة كبوك) كشف في العام 2014م عن أن البلاد مُحتاجة لإيجاد نظام للتقصي الحشري يمنع انتشار الوبائيات خاصة المنقولة بالحشرات، وقال أن الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات تمثل (50%) من الأمراض الموجودة بالبلاد. وأشار إلى انتشار مرض الكلازار في عدة ولايات، وطالب بتوفير وسائل الحركة والاتصالات ومراجعة الخطة الاتحادية مع الولايات والبدء الفوري في إنفاذها.
بجانب كل هذه الأمراض، إضافة إلى الفقر وسوء التغذية والسل، اتحفنا أمس الحانوتي (درمة) بتبرير لتفاقم (حالات الموت) في الأسابيع المنصرمة، ينبغي أن يؤخذ مأخذ الجد، بأنها ناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة وأن متوسط المقبورين على يديه في الأسبوع الأخير من مايو المنصرم بلغ (12) جثماناً.
وهكذا فإن (السخانة) انضمت إلى بقية القتلة الذين يرهقون أرواح الناس في هذه البلاد، ومن ضمنهم مؤسسات الدولة (المحليات، هيئة المياه، شركة مواصلات ولاية الخرطوم، البرلمان، أندية كرة القدم، التصريحات غير المتزنة، الفساد)، أما الموز فهو أكثر فتكاً.
وحتى لا يحدث (لبس)، دعوني أحكي قليلاً عن (فتك) الموز، وأنا استخدمه هنا من (باب التورية)، إذ أن بصيراً بجاوياً شهيراً بالقضارف اسمه (أوشيك)، كان متخصصاً في علاج التهاب الكبد الوبائي (الصُفير)، بالكي، وكان بعد أن (يكوي) مريضه، ينصحه بعبارات شهيرة (لبن ما تشرب، سمن ما تلهس، لهم ما تاكل، الموز يكتل).
لذلك فإننا نرمز بالموز هنا، إلى ما لا يمكن أن يقال، حتى يأتي استيف أو يتراجع أوشيك عن نصائحه، لكن، وإلى ذلك فإن (الموز يكتل) أيضاً.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي