خنصرة بالحلال
طوال سنين غربته الطويلة عاش محمود محمودا في اهله وعشيرته .. لم يدخر مالا ولا جهدا في سبيل توفير احتياجاتهم الكمالية قبل الاساسية .. تكفل بـ شيل الشيلة لكل من تزوج من اخوته وبني وعمومته بل وكل من انتسب اليه بصلة رحم وعشم فيه الخير ان يعينه على اكمال نصف دينه ورغب في الاحصان .. حتى من اكمل دينه ورغب في ان يزداد في الكيل من اعمامه واخواله اعانه على الردف حتى خاصمته الحريم .. اعان من اراد اكمال دراسته في الخارج او داخل السودان .. ختان اولاد الحبان .. حتى انه تكفل عن اغلبهم بسداد مديونية سيد الدكان ..
لم يتغير الحال بعد ان تزوج ورزقه الله بالعيال فقد تحول منزله لـ منزلة يقصدها الغريب والقريب حالة كونه قد اشتهر بين القوم باكرام الضيفان .. لم يستنكف احد من اقرباءه القراب او البعاد يوما من ان يطلب منه ما يشاء وهو يعلم يقينا ان طلبه حتما سيستجاب .. الا امراءته حنان التي اهمها ان تنظر لحالها وعيالها فلا تجد ما يؤمن مستقبلهم من تقلبات الزمان .. فكلما سألته ان يجتهد فيبني قطعة الارض التي اشتراها في السودان كان يتعلل دائما انه لم يئن الأوان ..
حتى كان يوم ان تفتق ذهنها عن فكرة طرحتها له في لحظة صفاء فقالت:
دايراك تسامحني عشان انا عايزة اعمل لي حاجة وما دايرة اعملا بي وراك وادخل في الحرام
وعندما سألها مستغربا عن مرادها اخبرته بأنها سوف تقوم بـ خنصرة البواقي من جيوبه والجزلان حتى تستطيع ان تشتري احتياجاتها مثل بقية النسوان فسمح لها حالة كونه كان يعاني من تأنيب الضمير لشعوره بالتقصير في الايفاء بتلك الاحتياجات لكثرة ما يحتمله من الالتزمات ..
كان التصديق بـ الخنصرة طوق النجاة لـ حنان فكانت تبادر يوماتي بتنظيف جيوبه من رائحة الدينار والدولار حتى انه ضاق بها زرعا فقال لها:
يا مرا خافي الله وسوي المعقول .. اخر الزمن الخمسين بقت فكة وخنصرتيها كمان ؟
ما لم يكن يعلمه محمود ان حنان كانت تجمع النقود حتى تكمل ما يلزم لشراء قطعة من الدهب ثم تضعها في صندوق حتى امتلأ بالمشغولات ال>هبية وفي اول اجازة نزلوا فيها الى السودان حملته معها .. وهناك اخرجته من مخبئه وطلبت من محمود في كتمان ان يبيعه ليضع بثمنه حجر الاساس لغرفتين خلف خلاف بمنافعهم في قطعة الارض التي يملكوها حتى تكون لهم امانا من غدر الزمان .. سبحان الله .. في جلسة ونسة مع حمواتها قاموا بـ سلخها سلخة السخلان وعايرنها بـ الخمالة وعدم الالمام بـ دبارة النسوان وإلا فكيف انها (مملصة) من الدهب .. نسوا على من تصرف اموال اخيهم فقالوا لها:
ما اتعلمتي فلاحة المغتربات وسويتهو شحم ولحم .. لا بيت بنيتوهو ولا لبستيهو دهب زي النسوان .. هسي كان فنشوكم الا تخمي وتصري وتسفي التراب سفة الندمان !!
شوف جنس ديل بالله !!
مخرج
حاجة سكينة كانت مره مسكينة لا معرفة لها باحابيل وحيل النسوان وكان يد زوجها قابضة لا يسمح لها بحرية التصرف في المال فنصحتها جارة حبيبة ان تقوم يوميا بخنصرة قبضة قبضتين من دقيق العيش وتضعها جانبا وحين تكمل الصاع تقوم صاحبتها ببيعه لصالحها لتستفيد من ثمنه بـ شوفة روحا .. فعلتها وخافت عقباها وصارت كـ الحرامي الفي راسو ريشة .. سألها زوجها عن ما بها مستغربا لـ دربكتها فصاحت به بعينين منططتين:
مالي ؟ قايلني كمان سرقتا لي قبضطتين من الدقيق ولميتين منك في السحارة ؟!!
[/JUSTIFY]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]
[COLOR=#0A00FF][SIZE=4][FONT=Tahoma]والله بصراحة رائعة يا منى، أحييك على كتاباتك الباهرة، وإلى الأمام.[/FONT][/SIZE][/COLOR]