على الحكومة تحمل مسئوليتها
الحديث الحكومي عن ضعف مهنية الصحف والصحفيين … عبارة عن طريق مختصر و”مزور” للتنصل عن المسئولية الحكومية في هذا الصدد.
عندما قررت الحكومة استخراج البترول “أحلام زلوط!” فعلت ذلك. عندما قررت مواجهة العالم الغربي وإسرائيل وإبقاء مدن الجنوب محررة. فعلت ذلك وحصرت الحركة الشعبية في نقاط محدودة.. عندما قررت فصل الجنوب فصلته.. هل هذه حكومة “غير قادرة”؟!
عندما قررت تدريب مهندسي بترول سودانيين خارج السودان فعلت ذلك.. هل يعجزها تدريب “صحفيين” في مبنى بالقرب من شارع البلدية!
عندما قررت تأسيس مصنع سيارات فعلت ذلك. ومعه مصنع تركترات.. وطائرات رش.. وطائرات بدون طيار وشاركت بها في مهرجانات دولية .!
هل يعجزها تأسيس صحيفة نموذجية أو فضائية إنجليزية أم أنها لا تريد ذلك.؟!
هل يمكن أن تؤسس حكومة هذه المصانع وتشيد سد مروي ثم تعجز عن حل مشكلة استحقاقات العاملين بالتلفزيون للدرجة التي تناوش فيها مدير التلفزيون المظاهرات والوقفات الاحتجاجية ..
وأوامر القبض والأحزمة والاعتداءات. وربما تكون الأحذية في الطريق!
لن أكون عاقلا ولن يكون في جمجمتي “مخ” لو صدقت أن الصحفيين هم سبب تدهور المؤسسات الصحفية. وان الحكومة بريئة ومغلوب على أمرها. سيكون حينها في جمجمتي “سفنجة”!
الحكومة اتخذت قرارا من قبل جعلت فيه أمين مجلس الصحافة غير متفرغ لأداء واجبه لمدة سنة أو أكثر.. هل هذه حكومة حريصة على رفع مستوى الأداء الصحفي؟!
هل يمكن أن تعين الحكومة في إدارة التنقيب في وزارة النفط؛ مديرا غير متفرغ؟!
هل يمكن أن تعين الحكومة في إدارة النقد الأجنبي في بنك السودان؛ مديرا غير متفرغ؟!
هل يمكن أن تعين الحكومة في إدارة المراسم بالقصر الجمهوري مديرا غير متفرغ؟! أو هل يمكن أن تكلف بهذا الموقع الناطق الرسمي باسم الخارجية “بعد الظهر”؟!
لن أشارك إطلاقا في الحديث عن ضعف المهنية والمسئولية والأخلاقية للصحفيين إلا من مدخل مهنية ومسئولية وأخلاقية الحكومة في أداء دورها إزاء الإعلام في السودان.
عندما تلفتت الحكومة إبان أحداث سبتمبر يمينا وشمالا لم تجد عددا كافيا من الصحفيين يفهم سياسة التحرير الاقتصادي. عندما أجرت استطلاعا للتحقق من معرفة الصحفيين اقتصاديين وغير اقتصاديين للتضخم وتعريفاته وطرق قياسه وجدت المحصلة مخجلة للغاية. من المسئول؟! من أي جامعات أتى هؤلاء؟!
من أي جامعات أتى الذين يكتبون لفظ الجلالة وفوقه نقطتين “اللة” … وكلمة مثقف بالواو “موثقف”؟!
من جامعات تشاد أو إثيوبيا أو جزر القمر؟ أم جاءوا من الجامعات التي تتحمل مسئولية مستواها وزارة التعليم العالي والحكومة كلها؟!
أم يا ترى لم يتخرجوا من جامعة وبعضهم راسب في الشهادة السودانية ونالوا القيد الصحفي بالاستثناء من مجلس “الحكومة” وبأمر حزب “الحكومة”؟!
الحكومة عليها أن تعترف بأخطائها وتقرر علاج المشكلة وعليها أن تتحمل مسئوليتها، بدلا من الهجوم على الصحافة والصحفيين. هذا الهجوم كله عائد للحكومة ذاتها. عائد لها ولسياساتها وتفضيلاتها و”خيارها وفقوسها”. عائد للخلل في صناعة القرار الإعلامي وليس لآحاد الإعلاميين.!
الآن والحمد لله يوجد مستوى طيب للأطباء السودانيين؟ لو حدث تدهور ولو صارت المعايير مختلة في هذا القطاع وصار قادته المجهولون والفاشلين والمرتشين؟! من سيكون المسئول الأول؟! الحكومة طبعا. وعلى ذلك قس!
[/JUSTIFY]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني