مصطفى أبو العزائم

النتيجة العامة.. لم ينجح أحد ..!

[JUSTIFY]
النتيجة العامة.. لم ينجح أحد ..!

قال لي من أثق في روايته، إن رمزاً إجتماعياً كبيراً في إحدى مدن ولاية الخرطوم الكبرى، ذكر له إنه يقرأ ما بين أربع إلى خمس صحف سياسية يومية- سماها له- بخمسين قرشاً فقط، يأخذها من أحد باعة الصحف الجائلين (السرّيحة) الذي يستردها بعد فترة زمنية كافية لقراءة العناوين الرئيسية، وبعض الأعمدة المفضلة لذلك الرمز، ليقوم (السرّيح) بأخذها وإعادة تأجيرها لآخرين من جديد، بحيث تكون حصيلته من عائد الايجار أعلى من قيمة الصحف الأربع.

شخصياً لم أعجب من نتيجة التحقق من الانتشار التي أعلنها المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، يوم الثلاثاء الماضي، وقد ذكرت ذلك للأخ الأستاذ العبيد أحمد مروح، الأمين العام للمجلس عندما إلتقينا في منشط آخر بعد ذلك بيومين، بعد أن اعتذرت له عن تغيبي (المبرر) عن إعلان النتائج.

إتفق معي الأخ الاستاذ العبيد في كثير من العوامل التي رأيت ورأى غيري من الزملاء، أنها تقف وراء تدهور صناعة الصحافة في السودان، أولاً تحكم قلّة في أسعار الورق ومدخلات الطباعة، تتوزع بين مطابع قليلة لا تجد منافساً حقيقياً في هذا المجال، بحيث تكون المنافسة هي (المكسب) الذي سيناله الناشرون والصحف، فهي تجعل المتنافسين يعملون في اتجاهين، الأول هو تقديم العرض الأقل المغري للطباعة، والثاني تجويد الطباعة وتقديم أفضل نوعيات الورق.

وصناعة الطباعة تواجه غولاً يلتهم كل ما يمكن أن يساعد على تطوير المهنة، هو غول الضرائب والرسوم المركزية والولائية، ومصروفات وتكلفة التشغيل العالية، والتي رغم قانونيتها إلا أنها غير منطقية، وهذه كلها تحتاج إلى مراجعات يجب أن يقف من ورائها (كتل) العاملين في هذا المجال، من ناشرين وموزعين، وعاملين واتحاد صحفيين.

واحدة من مصائب هذه المهنة في السودان إن العاملين بها تحسبهم واحد، وقلوبهم شتى. وأما الحكومة فنرى أنها أسعد الناس بذلك التشرذم الذي يضعف الصحافة، ويقلل من تأثيرها على المجتمع، رغم أن النسخة الواحدة يقرأها أكثر من ستة أشخاص، وكثيراً ما كنت أقول وأكتب إن الحكومة لا تريد صحافة، حرة أو مقيدة، بدليل أن كل محاولاتنا السابقة مع عدد من الوزراء وكبار المسؤولين ومن بينهم أكثر من وزير مالية، كل تلك المحاولات باءت بالفشل من أجل اعفاء مدخلات الطباعة من الجمارك والضرائب والرسوم، أو تخفيفها على الأقل، فكانت الحجة التي تقصم ظهر الفكرة دائماً، هي أن تلك المدخلات، ستجد طريقها إلى السوق، أي إلى آخرين لا صلة لهم بعمل الصحافة، ستكون الفائدة الأكبر والعائد الأعلى لهم.

في هذا الجانب إقترح الأستاذ العبيد أحمد مروح على الناشرين تكوين شركة للإستيراد، يمكن أن تعمل الدولة على مساعدتها بأكثر من طريقة في هذا الجانب، خاصة فتح الاعتمادات الخاصة باستيراد كميات كبيرة من الورق، واستيراد الأحبار ومدخلات الطباعة الأخرى، بحيث لا يكون أمام الكثير من المطابع سوى تحصيل تكلفة الطباعة أو الـ(Running Cost).

وكذلك الحال بالنسبة لشركات التوزيع، التي يتسبب تعددها- وبعضها يوزع صحيفة واحدة أو اثنين- في تقليص حجم النسخ التي يتم توزيعها، وتدخل بعض الشركات- للأسف الشديد- من باب المنافسة السوداء وضرب الآخرين بإتباع أساليب غير مقبولة، يفهمها العاملون في هذا المجال.

هذه النتيجة التي قلصت حجم توزيع أكثر من ثلاثين صحيفة يومية سودانية إلى هذه الدرجة، تقول لنا جميعاً حتى وإن كنا في قائمة الصحف الكبرى، تقول لنا: (لم ينجح أحد).. ونحن نريد النجاح.

اللهم وفقنا إلى ما ترضى، وسدد خطانا وأعف عنا وأغفر لنا وأنصرنا على من عادانا يا أرحم الراحمين.. آمين

وجمعة مباركة
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]