حيدر المكاشفي

الحوار على طريقة الحواري

[JUSTIFY]
الحوار على طريقة الحواري

لا يستحق الخبر الذي أوردته أمس الغراء الجريدة سوى أن أورد بشأنه إحدى النكات المصرية الشهيرة والتعليق عليها لا على الخبر، والخبر مؤداه أن طلاب المؤتمر الوطني وعلى رأسهم الأمين السياسي لطلاب ولاية الخرطوم، هددوا باستمرارهم في ممارسة العنف داخل الجامعات ما لم تستجب التنظيمات الأخرى للحوار الذي دعوا إليه، يعني حوار بالزندية وهذا أسلوب يذكر فيما يذكر بالنهج الغابر وإلا فسوف ترى والسلام .. النكتة المصرية الذائعة تحكي عن شاب ساقه حظه التعيس للدخول إلى حارة من حارات الباطنية في القاهرة يمكن أن تقرأ جامعة من الجامعات بدلاً عن حارة من الحارات، فإذا به فجأة يجد نفسه وجهاً لوجه أمام عصابة مسلحة، بادره زعيمها بالسؤال «إنت معانا ولا مع التانيين»، صعق الشاب من هذا السؤال مجهول الغرض، رفع رأسه ونظر إلى عيون أفراد العصابة عله يجد فيها ما يعينه على فهم السؤال الغامض، فوجدها حمراء ينقدح منها الشرر، فكر سريعاً، واهتدى للاجابة المنطقية التي تدرأ عنه هذا الشر الذي هبط عليه من حيث لا يحتسب، قال في نفسه لا يمكن أن يؤذيني هؤلاء الأشرار إذا أعلنت أني معهم، إطمأن للاجابة ونطقها بثقة بثبات «أنا معكم يا بهوات»، ولكن يا لهول ما وجد الرجل الذي كان ينتظر التهنئة على موقفه فقد انهالت عليه اللكمات والضربات وسيل من الشتائم واللعنات التي تسبه وأفراد العصابة يضربون ويصرخون «إحنا التانيين يا شاطر»، ولكن المحشش الذي كثيراً ما حكى هذه النكتة بنفسه كان «تفتيحة» وذكياً بالقدر الذي مكنّه من تفادي هذا “المقلب” باقتدار، وتقول النكتة الأخرى أن هذا «المخخنجي» عندما وجد نفسه في موقف مماثل وطُرح عليه ذات السؤال «إنت معانا ولا مع التانيين»، لم يتردد ولم يتلعثم ولم يتفاجأ بل وضع يده اليمنى على جنبه الأيمن واليسرى على الأيسر وهزّ كتفيه كناية عن الاستهتار وقال «أنا مع العفش»، فانخرط أفراد العصابة في نوبة هستيرية من الضحك استغرب لها هذا المحشش فظل يردد وهو يسير بخطى وئيدة مبتعداً عن قبضة العصابة «عالم فاضية عالم وهم…. مع حوارنا ولا مش معاه مكيال خاسر ونهج ظالم وثنائية مقيتة خاصة إذا انتهجه من يتولون أمر الناس، ولكنه للأسف ظل فاشياً وحاكماً ومتحكماً في الكثير من أوجه حياتنا وبالأخص في هذا العهد الذي استنبط له فقهاؤه فقهاً خاصاً تحت دعاوى حماية بيضة الدين والحفاظ على الوطن وما إليها من إدعاءات لم يكذبها الواقع المعاش الآن بعد مرور أكثر من عقدين من الزمان فحسب، وإنما آلت إلى وضع أزرى مما كان وأحدث فرزاً مزلزلاً في أوساط المجتمع، فهل هذا هو ما يسعى إلى تكريسه هذا الشبل من ذاك الأسد…
[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي