أطويل طريقنا أم يطول؟
*ذهبت (اليوم التالي) خطوات أسرع وأوقع في ظل احتدام سقوفات الحرية والحوار والسلام، وهي تستضيف (قادة الحركات المسلحة) عبر حوارات جريئة، وذلك خدمة (للمشروع الوطني الوفاقي) التي ترتسم ملامحه هذه الأيام، ومن ثم تخضع كل تلك الأخطار والأحزاب لعمليات (جرد حساب).
*كان أخي وزميلي العاجب أكثر حصافة، وهو يستقبل ضيفه عبد الواحد محمد النور رئيس حركة تحرير السودان المتمردة بقوله (كيف حالكم مع العمل العام؟)، إذ لا يعقل أن تكون البداية، كيف أنتم مع العمل المسلح أو كيف حالكم في الحركات المتمردة! وإلا لما تدفقت كل تلك المعلومات الغزيرة، فعلى الأقل إن حال صديقنا عبد الرحمن في هذا اللقاء كحال الذي يمسك البقرة من ثديها وليس من قرونها!
*لكن دعوني هنا أن أكون في مقام من يمسك الأفكار من قرونها، وأنا أخضع إفادات ورؤى الأخ نور لشيء من عمليات (الفك والتركيب)، وذلك لمصلحة قراءة أعمق لأطروحات الرجل الذي يستمسك حتى الآن بالبندقية كسلاح أوحد (لهزيمة النظام)!
*جاء في التقدمة “لقد التمع نجم الثائر عبد الواحد لأول مرة إبان تلك العملة الجريئة على مطار الفاشر”، وربما يذكر السادة القراء هنا “أن ثمن التماع نجم الرجل وفاتورة تدشين عمله النضالي كان (فقدان البلاد) مجموعة طائرات سودانية تذهب كلفتها إلى ملايين الدولارات”. والسؤال هنا “هل كانت هذه البداية الصاح للعمل الخطأ، أم أنها البداية الخطأ للعمل الصاح، أم أنها البداية الصاح للعمل الخطأ! أم أنها البداية الصاح للعمل الصاح؟!”.
*إذ يقول قائل إن الحركات الثورية التحررية ليس من أجندتها بناء المساجد والمشافي والمدارس والمطارات، بل إن من إنجازات الحركات المسلحة تحطيم هذه الخدمات وتوقيف أعمال التنمية وتحويل المواطنين من قراهم الآمنة للمعسكرات، غير أن نجاح الحركة يكمن في تعاظم معسكراتها وتفاقم حضور (المنظمات الإنسانية)! وذلك حتى يقنع الممولون من البحار بجدية الحركة.
*لكن على الأقل في حالة إقليم دارفور أن الأزمة التي خرج الثوار على متنها إلى حمل السلاح، كانت، تتمثل في (انعدام التنمية وشح الخدمات)، فكيف يستقيم عقلاً “أن الذي ينهض لأجل التنمية تكون أول ضحاياه هي التنمية نفسها، وفي المقابل أن الذي يثور لأجل مواطنيه أول شيء يفعله هو أن يحولهم من قراهم الآمنة إلى المعسكرات المزرية”!
*أكتب هذا المقال أيضاً في سياق المحاكمات والمراجعات الفكرية التي تنشط صحفيتنا في تقديمها للأفكار والأحزاب والرؤى، على أن الحركات المسلحة تمثل محوراً مهماً في سياق هذا الجدال الفكري المحتدم..
*في إجابته عن مكتسبات الحركة خلال مسيرتها، قال الأستاذ عبد الواحد، إن الحركة قد حققت كل شيء وبقي لها فقط عملية (إسقاط النظام)، إلا يوافقني الأخ عبد الواحد أن المهمة الأساسية لم تتحقق بعد، أعني عملية إسقاط الدولة السودانية أو قل إسقاط النظام؟
*وربما أن الإجابة ستكون مفيدة للطرفين النظام والحركات المسلحة، بحيث أن خيار البندقية لم يكن حاسماً خلال عقد من الحركات المسلحة، فلماذا لا نجرب هذه المرة سلاح الحوار والتفاوض والسلام! فما لم ننجزه في عقد من الاقتتال يمكن إنجازه في ساعة حوار مخلصة.
*في إحدى الفقرات نفى السيد عبد الواحد بشدة صلته بالشيوعيين وفي إفادة لاحقة قال: لقد أرغمناهم على التراجع عن الدولة الدينية التي لا شرقية ولا غربية.
*لا أتصور أن المناضل مانديلا يصلح نموذجاً جيداً للحركات المسلحة، إذ ليس بيننا بيض مغتصبون، إذ يصبح من العسير تحرير السودان من السودانيين!
*مهما يكن من أمر، فإن الصلح خير وإن سلاح الحوار هو السلاح الأمضى.. أخي عبد الواحد إن لم يكن لأجل الوطن وحقن الدماء، فليكن ذلك لأجل أمهاتنا وآبائنا الذين يرزحون تحت سموم المنظمات المعسكرات.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]