يخذلهم الأرض والجمهور
* ربما ستقرأون اليوم في مكان آخر من الصحيفة مرافعة هائلة بعث بها إلى بريدي (حزب البعث العربي الاشتراكي) قطر السودان، وذلك ردا على مقالي الذي نشر تحت عنوان (هذه الميادين.. فأين الجماهير؟) ولتنشيط ذاكرة السادة القراء أعيد بعض خطوط مقالي هنا لتدافع الأفكار..
* كتبت مقالي على إثر تصريح للأستاذ السنهوري أمين سر حزب البعثة قال فيه.. أن حزبهم لن يذهب إلى حوار لم تحدد معالمه وخارطة طريقه..
* قلت يومئذ: “لو أن المؤتمر الوطني حدد أجندة الحوار ورسم خارطة قبل الجلوس للحوار.. لخرج علينا السيد السنهوري بأنه لن يذهب إلى الحوار أيضاً، وهذه المرة تحت عنوان لا فائدة من حوار قد حسمه المؤتمر الوطني مسبقاً وقبل أن يبدأ”..
* ورأيت أن القصة برمتها تكمن في أن هذا الحوار لا محالة سيمضي إلى (صندوق الانتخابات) وأن حزب البعث تاريخياً لم يكن حزباً جماهيرياً، ففي أحسن حالاته الديمقراطية أحرز نائباً واحدا، وأظنه ابن عمنا الأستاذ يحيى محمد الحسين إن لم يكونوا نائبين أو ثلاثة.
* وفي هذا السياق أطربتني صراحة الأستاذ يوسف حسين الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني، سئل الرجل ذات يوم: كيف تدعون إلى الديمقراطية وأنتم لا تملكون لها الجمهور الكافي؟، قال الرجل: نحن حزب (نضالي كفاحي) ولسنا حزباً جماهيرياً!
* ويفترض أن حزب البعث العربي الاشتراكي يتواضع إلى هذه الحقيقة، على أن الأحزاب الاشتراكية عموماً في الشرق العربي الإسلامي ليست أحزاباً جماهيرية، وإنما تعتمد الكفاح والنضال في الوصول إلى غاياتها.
* فعلى الأقل بين يدينا تجربتا (العراق وسوريا)، بحيث لم تأتيا على متن صنادق الديمقراطية، وذلك قبل أن ينتهي الأمر في أرض الشام إلى ثقافة (البراميل المتفجرة) بمعنى أن حزب البعث في هاتين التجربتين لم يقدم نموذجاً يحتذى، وذلك ليدفع (بلاد النيل والشمس والصحراء) للذهاب في ذات المسار.. (وخوفي من نفس المصير)!
* انتهيت في مقالي إلى أن إخواننا في البعث تخذلهم مسوغات (الأرض والجمهور)، فالجمهور كما ذكرنا تكمن أزمته في المد الجماهيري المطلوب، أما الأرض فهي هذه المنطقة السمراء الأفريقية، فالسودان على الأقل ليس أرضاً عربية خالصة، نحن في المقام الأول دولة أفريقية لا تصلح لزراعة فكرة عربية مائة بالمائة.
* والذي أطربني في هذا الأدب، أن حزب البعث العربي الاشتراكي إزاء هذه المسوغات الباهظة التي سقناها، قد اختار الاحتكام إلى (صندوق الحوار) والجدال بالتي هي أحسن، وهو يعكف على صياغة رد ضاف ومطول مشفوع بمبررات وحيثيات من تاريخه الممتد الطويل في السودان.
* حرية الصحافة ومعايير المهنة وأخلاقياتها تحتم علينا أن نهب حزب البعث هذه (المساحة المستحيلة) ليقول كلمته ويقدم مرافعاته الجهيرة.
* ليتنا نفلح جميعاً، كصحافة وأحزاب ورؤى وأفكار في أن ندير خلافاتنا بوسائل الحوار والترافع الفكري والمرافعات الجهيرة على (حائط الحرية) وجدران الميادين وقارعة الأوراق.
[/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]