عثمان ميرغني

أين الوزير.. والبرلمان

[JUSTIFY]
أين الوزير.. والبرلمان

قبل أكثر من عشر سنوات وفي صحيفة (الرأي العام) الغراء كتبت في مقالي الأسبوعي – كنت بجانب العمود اليومي أكتب مقالاً أسبوعياً – كتبت مقالاً شهيراً بعنوان (الهمبول!!).. المقال كان وفي نفس يوم نشره سبباً في إرسالي بسرعة إلى خلف قضبان الحراسة في قسم الشرطة بالمقرن.. ثم بقائي رهن تحقيق نيابة أمن الدولة لمدة عشرة أيام متتالية.. ثم انتقلت إلى المحكمة وظلت القضية مفتوحة لحوالي ثمانية أشهر..

كانت فكرة مقال (الهمبول) مبنية على أن مؤسسات الدولة (الحارسة) إن لم تمارس مهمتها بجدية تصبح مثل (الهمبول).. الفزاعة التي تستخدم لطرد الطيور عن المزرعة.. فهي مجرد فزاعة غير قادرة على الفعل.. بل لمجرد (التهويش) من بعيد.. كما (الهمبول)..

لا أريد سرد المقال.. لكني فقط أعيد اجترار الفكرة.. فكرة انسحاب المؤسسات (الحارسة) عن دورها.. وترك ثغرة تصبح (قاتلة) للغاية.. وتتسبب في اختراق (أمن المؤسسية) في بلادنا.. وهدم جدار الدولة بمفهومها المتكامل..

ففي قضية مصنع سكر مشكور.. التي كانت حديث الجميع خلال الأيام الماضية.. لا يبدو في الأفق ما يدل على أن (المؤسسات الحارسة).. تحركت للنظر في تفاصيل القضية وتنوير الشعب السوداني بما يجب أن يعرفه عن تفاصيل وحقيقة الاتهامات المثارة في ملف مشروع مصنع سكر مشكور.. وأعني بالمؤسسات الحارسة بالتحديد.. المجلس الوطني الذي يمثل السلطة التشرعية والرقابية المفوضة بالتدقيق في أداء الجهاز التنفيذي..

أين المجلس الوطني (البرلمان)؟ أليس جديراً بالدكتور الفاتح عزالدين.. وهو الرجل الذي تولى في السابق متابعة أكثر من ملف وقضايا فساد.. وقف فيها بقوة وشراسة.. أليس جديراً به الآن أن يستجوب الوزارات والجهات المرتبطة بملف مصنع سكر مشكور؟

ثم بعد كل الاتهامات التي أثرناها حول مشروع سكر مشكور.. يجدر السؤال أين وزير الصناعة؟؟ أليس هو الجهة المناط بها ملف هذا المشروع الذي ينبت من أموال الشعب السوداني؟ لماذا تبدو وزارة الصناعة (محايدة) وكأن هذا المصنع في كنف وزارة (التربية)؟

أم أن كل هذه الجهات في انتظار التعليمات.. لا تتحرك إلا بعد أن تأتيها (توجيهات) بالتعامل مع قضية هي من صلب اختصاصاتها.

من المهم الانتباه إلى أن الشعب السوداني (قلق!) على المال العام الذي بدأت قضايا الفساد حوله تتناثر في أثير الفضاء العام .. ومن واجب المجلس الوطني بالتحديد إذا لم يكن افتراضنا أنه ممثل الشعب خاطئاً- أن يستوجب وينقب عن المعلومات التي تمنح الشعب الفرصة للنظرة إلى عوراته القومية., مشاريعه الباهظة الأثمان التي تدار وكأنها ضيعة خاصة يملكها أصحاب الحظ السعيد..

نحن في انتظار البرلمان.. ووزير الصناعة.. أو كليهما معاً..
[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]