انفجار.. “مجاري” الفساد
من هنا أعيد مطالبتي القديمة أن يُسمح للشعب السوداني الاطلاع على (إقرار الذمة) الذي (قيل!!) إن القانون يلزم به كل صاحب سلطة في المستويات المحددة وفق القانون..
المسؤول الذي يشغل وظيفة عامة يجب أن يخضع لـ(فحص) عام.. أن يكون قادراً على كشف أمواله وممتلكاته الشخصية.. رصد ثروته مهما كانت صغيرة أو كبيرة وتوثيقها في سجل إقرار الذمة.. ثم السماح لأي مواطن سوداني بالاطلاع عليها عند الطلب.. فالمجتمع السوداني ينعم بدرجة عالية من الشفافية كافية لتوفير معلومات لصالح الدولة قبل الشعب- للتثبت من دقة وحقيقة الذمة المالية للمسؤول.
والمسؤول الذي يتمسك بأن أمواله وممتلكاته هي في حرز خصوصياته التي لا يجب أن يطلع عليها أحد.. لا حرج عليه.. فليسدل الستار على ممتلكاته ويغطيها لكن بعيداً عن المنصب العام.. مهر الوظيفة العامة الموافقة على الشفافية في مصادر دخل صاحبها.. وبغير ذلك لا منصب عام.
صحيح أن وقتاً طويلاً مضى ربما أثرى فيه كثير من شاغلي المناصب العامة الرفيعة أو الأقل منها.. لكن مصادر معلومات (وكالة الأنباء الشعبية السودانية) قادرة على تمييز الأموال والأصول الحقيقية التي تتناسب مع ماضي صاحب المنصب الدستوري.. من الذين تحولت حياتهم وتغيرت كلياً بعد المنصب..
مثلاً موظف عام.. ينحدر من أسرة فقيرة.. ليس في كافة أهله من فيه مسحة ثراء.. ولم يعرف له طوال ماضيه غير العمل في وظيفة حكومية أو خاصة بمرتب معلوم ومحدود.. وظل طوال ماضيه يسكن في (بيت الإيجار) ويستخدم المواصلات العامة.. لكنه بعد انتقاله إلى منصب تنفيذي عام تحولت حياته وانتقل من أسفل السلم إلى قمته.. حساب الثروة سهل للغاية مقارناً بالمرتب والمزايا التي يحصل عليها من المنصب الحكومي..
الأمر لا يحتاج إلى بطل لإثبات (الثروة الطائرة) التي هبطت على البعض مثل ليلة القدر.. ومن حق الشعب السوداني في هذه الحالة استرجاع أمواله أولاً .. ورؤية من تلوثت يده بالمال العام وهو يخضع لميزان العدالة..
مثل هذه القضايا لا تسقط بالتقادم.. فما بني على باطل فهو باطل.. من بنى قصره من أموال الشعب الفقير المحبط.. يجب أن يرجعها إلى الشعب ثم لا يفلت من العقوبة بعد ذلك..
بغير هذا يصبح الحديث عن الفساد مجرد (تحلل) من الماضي ومحاولة للبحث عن شرعية للمستقبل.
حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]