طريق الحرير (2)
بدأت في القاعة الواسعة بفندق قصر الشعب ببكين فعاليات «ندوة الإعلام النقابي».. قدمت الأوراق فيما يشبه الانسجام من الجانب العربي والجانب الصيني.. كان لافتاً لانتباهي الداخلي حالة الاضطلاع على تجربة الصين في الصحافة العمالية.. فصحيفة العمال اليومية تصدر ما يفوق السبعمائة ألف نسخة.. توزع بنسبة تكاد تجزم أنها «حالة لا راجع».. أي ما يعادل عدد نسخ صحفنا الورقية اليومية أو ما يفوقها.. على الرغم من تيقني أن تعداد عمالهم يفوق قراء صحفنا اليومية إلا أن ذلك يعطينا مؤشر أننا لا نعطي الصحافة العمالية حقها في منظومة القطاعات الصحفية.. ولإعتبارات كثيرة لا يمكننا أن نقفز بها من حالة خصوصية الاستهداف الى شموليته.. لا أعرف لماذا أو كيف؟ ولكنني رغم عدم معرفتي باللغة «الصينية» ظللت طوال فترة راحتي بالغرفة رقم ثلاثة عشر بالطابق الحادي عشر.. أقلب صفحات ذلك العدد من صحيفة صوت العمال الصينية لعليّ أتفهم خطوط السياسة التحريرية لهذه الصحيفة.. وجدت أنها تركز على الشؤون العمالية ثم تعمل كصحيفة يومية فيما يتعلق بالشؤون الأخرى، أو بمعنى أعمق هي صحيفة يومية بكل تفاصيل صحفنا، لكنها تبرز الأخبار والمواد الصحفية المتعلقة بالعمال بشكل أوضح.. هي سياسة هجين ما بين خطوط التحرير الصحفي العام مع التخصص..
كنت في منصة القاعة الفخيمة بذات الموقع وأنا أهِم بتقديم ورقة متخصصة في الجانب الإعلامي وقضايا عمالية متخصصة، أحمل هم أن تكون مفاهيمنا متقاربة، فيما يشبه التنظير الأدبي والمرتكزي للعمل الإعلامي النقابي، مستعرضة الورقة التي كلفت بها، ووجدت في النقاش حولها ما يطمئن بأننا ما زلنا في «طور التنظير» ويبقى المحنك «متى التنفيذ والعمل».. حفلنا كثيراً بالشباب الصيني الممسك بالملفات الإعلامية والنقابية مع الاحتفاظ بوقار الخبرة والتجربة، وأعجبني وضوح تصريح السيد نائب رئيس اتحاد عمال عموم الصين «جانغ يوانغ بن» عندما رحب وأعرب عن سعادته بعد أن حيا الوفود والمشاركين «أولاً أن مرتكزنا هو أن مباديء العمل النقابي.. هي مباديء حزبنا».. رغم الإيمان القاطع بأن السياسة والعمل العام هناك لهما مفاهيمهما وخليطهما ما بين الاشتراكية والرأسمالية، والقبضة التي تكبح جماع انفلات نظام يقود شعباً له هذا التعداد الكبير من الخروج عن أطر ما حدده «حزبه ونظامه القائم» إلا أنه طفق للخاطر أوضاعنا المماثلة ومنهج البلاد فيما يلي هذه الجوانب ونحن نقول في ما يبدو أنه «اللوقو» «لكل حزبه والنقابة للجميع».
نعم كان للحفاوة والفخامة التي احتاطونا بها «الصينيون» أثرها في تشكيل صور ذهنية جميلة، إلا أن ذلك لم يمنعنا من الإحساس بمشاكل العمال في الصين.. فيما تلحظه من استعراض القضايا ورهق الوجوه العمالية في بعض المواضع.. دائماً هناك حديث عن الحاجة لدعم الأجور والمساندة العمالية فيما يخص دخول الابن أو الابنة للجامعة.. بعد أن انفرجت حالة السماح بانجاب طفلين.
٭ آخر الكلام:
رغم الانبهار بكل الانجازات الصينية إلا أن إحساساً داخلياً لا يغيب بأننا كأمة عربية أو افريقية لا يعوزنا إلا الإصرار على العمل والخروج من قوالب الذاتية إلى روح العمل، والإيمان بحلم ما لبلادنا لأمتنا.. «تخيلوا فقط حلم وعمل».
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]