ما وراء تأجيل قمة «الإيقاد»؟!
< من نتائج زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، تأجيل قمة هيئة «الإيقاد» حول الوضع في دولة جنوب السودان، ويبدو أن واشنطون لا تريد حلاً إلا عبر رؤيتها وتصوراتها لما ستكون عليه الأمور في دولة الجنوب والمنطقة، فهي التي أوعزت بتأجيل القمة حتى لا تعطي أي طرف إقليمي ومنظمة «الإيقاد» دوراً في إنهاء هذا الصراع الدامي، لتتيج الفرصة لما طرحه كيري بعقد لقاء في أديس أبابا بين سلفا كير ومشار وتكوين حكومة انتقالية. < وهذه القمة التي كان من المقرر أن تعقد يوم أمس، وافق رؤساء خمس دول وهي السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وكينيا ويوغندا على المشاركة فيها، وسبب تأجيلها بغرض التشاور، ما هو إلا مكيدة أمريكية حتى يتم ترتيب تصور واشنطون الطامحة إلى تقوية الطرف الثالث «مجموعة المعتقلين السابقين باقان ودينق ألور ومجاك وكوستا مانيبي ووياي دينق وغيرهم» ليكونوا هم البديل الذي يحكم الجنوب بعد إبعاد سلفا كير ومشار، وهذا المخطط ظلت تعمل عليه عدة عواصم غربية، وضغطت من أجل إطلاق سراح المعتقلين وإلغاء محاكمتهم. < وتقول تقارير دبلوماسية غربية في شرق ووسط إفريقيا، إن واشنطون وعواصم أوروبية، ترى ضرورة إبعاد سلفا كير من السلطة بجانب إزاحة غريمه رياك مشار من المشهد السياسي، والدفع بقيادات بديلة قد تستطيع محو الصورة التي تكونت بأن الصراع في دولة الجنوب اتخذ منحاه القبلي بين الدينكا والنوير وتحالفاتهما القبلية. < وحسب هذه التقارير فإن الدول الغربية وقوى إقليمية، باتت موقنة أن انهيار الدولة في جنوب السودان وتلاشي وجودها، لا يخدم مصالح إستراتيجية غربية في هذا الجزء من القارة الإفريقية، ولا بد من العمل على نفخ الروح مرة أخرى في أوصال هذه الدولة الحديثة الولادة وإنقاذها مهما كلف ذلك، وإعادتها للحياة في حال تعافيها من الحرب الدائرة الآن. < وتعلم واشنطون وصويحباتها أن ذلك صعب للغاية، ولا تستطيع تمرير مشروعها بوجود مساعٍ حقيقية في المنطقة تمثلها «الإيقاد» لوضع حلول عبر التفاوض لإنهاء الحرب وتوقيع اتفاقية بين الطرفين عبر المفاوضات الجارية في أديس أبابا. < فهناك مساران للحل، المسار الذي تضطلع به «الإيقاد» وليس بعيداً عن مسمع ومرأى القوى الدولية وهو يغلب الحل التفاوضي النهائي ووضع الحرب أوزارها، والمسار الثاني الذي تقوم به واشنطون وطرح من خلال زيارة جون كيري، بقيام فترة انتقالية، يتم من خلالها تجهيز البديل الأمريكي للحكم في الجنوب. < لكن هناك عقبات كثيرة تعترض هذا المخطط الأمريكي، فالصراع خرج عن السيطرة ولا يمكن لجمه ووضع كوابح له، وليس من السهل استعادته من حالة فورانه القبلي خاصة بين الدينكا والنوير، ومنع امتداداته التي اجتاحت كل مؤسسات الدولة المنقسمة قبلياً خاصة الجيش الشعبي نفسه، فكل شيء في الجنوب منقسم على نفسه ويستحيل جمعه مرة أخرى.. وتبدو مخططات واشنطون عصيَّة على التنفيذ بسبب هذه التعقيدات على الأرض، وخلو الوفاض الأمريكي من أية ضمانات حقيقية تمنع تبدد أحلامها ومخططها مع أول نفخة هواء. < والغريب أن الإدارة الأمريكية وعواصم غربية تعلم حق اليقين، أن جنوب السودان لا يمكن حل قضاياه وكتم أنفاس الحرب والصدامات فيه وصناعة السلام على أراضيه، من دون مساهمة فاعلة وكبيرة وجادة من السودان الجار الشمالي والدولة الأم.. لكن الحكومات الغربية لا تريد هذا الدور للسودان برغم اعترافها بأهميته وقوة تأثيره. < ولذلك فإن التخبط والحيرة تضرب بأطنابها في كل مكان في المحيط الإقليمي وفي المجال الدولي في أنجع السبل لوقف الحرب في دولة الجنوب وانتشالها من أوحالها .. والغريب أن عواصم غربية تقول قولاً مفظعاً هذه الأيام مؤداه أن دولة الجنوب لن تتعافى من هذه الحرب لعشر سنوات قادمة. [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة