تعديل ومراجعة القوانين
الشرائع لا تتغيّر لأنها تتصل بالخلق وطبيعته وتعرف حاجات المجتمعات الدقيقة التي لا تتغيّر، ومنها- كما يقول الفقهاء- خرج الفقه الاسلامي الذي لم يكن مجرد نظريات، كما هو الحال في الفقه القانوني المتعارف عليه في مجال القانون، بل إن الفقه الاسلامي وفقاً لتعريف فقهاء وعلماء الشريعة، هو العلم بالأحكام العملية، أي أنه فقه تطبيقي، لذلك يقول أهل العلم والخبرة والمعرفة القانونية، إن أهم القواعد الفقهية التي يعرفها القانون الاسلامي، قاعدة الأمور بمقاصدها، وقاعدة اليقين الذي لا يزول بالشك، وقاعدة لا ضرر ولا ضرار، وقاعدة المشقة تجلب التيسير.
القوانين الوضعية متغيّرة بتغير المجتمعات، متطورة بتطورها، لذلك تُنْشيء المجتمعات القواعد المنظمة لعلاقات الأفراد مع أنفسهم ومع الغير ومع المجتمع، ومع الدولة، وفق محدثات عصورهم مثل إصدار قوانين الشركات والشراكات، والقوانين المنظمة للعمل والعمال، وقوانين البنوك التجارية وقوانين أمن الدولة وغيرها.
الآن علينا أن نقف قليلاً بعد القرار الذي توصلت إليه القانونية والعدلية المكلفة بالتحقيق مع الذين قاموا بـ(تزوير) توقيع والي ولاية الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر، و(استغلوا) نفوذهم في تحقيق مكاسب شخصية، وأساءوا إستغلال مؤسسات الدولة وأدواتها في غير ما وجدت له، وأساءوا إلى سمعة والي الخرطوم وهو رجل سياسي، لم يعرف عنه فساد ولم تحم حوله شبهة استغلال نفوذ، ولم يتهم يوماً في ذمته ولا خلقه، ليجيء القرار إطلاق سراحهم بعد (التحلل) من المال الحرام.
نعم.. علينا أن نقف قليلاً ونعضد مطالب غيرنا حول مراجعة قانون الثراء الحرام، وغيره من القوانين، إذ لا يعقل أن يطلق سراح الذين نهبوا المليارات إستناداً على (تحللهم) من المال الحرام، الذي لا يعرف أحدٌ كم نما وزاد منذ بداية عهد تعاملهم معه، بينما يموت في سجن الهدى أو غيره من السجون نزيل اقتربت فترة بقائه في السجن من العشر سنوات، لا لشيء إلا لأن هناك مادة في القانون تبقيه إلى حين السداد، وهي في حقيقة الأمر تبقيه إلى حين الممات!
نطالب الدولة ممثلة في أجهزتها التنفيذية والعدلية أن تبدأ محاكمة مرتكبي ذلك الجرم وفق القانون الجنائي، ونطالب السيد والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر أن يشكو رسمياً من قاموا بتزوير توقيعه وأساءوا استغلال سلطاته وأشانوا سمعته حتى ينتصر للحق العام.. ولا نشك في أنه سيفعل.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]