عواقب الحمل خارج «الجدول»
شابة من دولة خليجية، ظلت متفوقة في دراستها وتحرز مراكز متقدمة رغم أنها متزوجة، بمعنى أنها كانت تهتم بشؤون بيتها وزوجها والتزاماتها الاجتماعية، وشؤون دراستها في آنٍ واحد، وشاءت إرادة الله ألا تتمكن من الجلوس لامتحان الشهادة الثانوية في المواعيد المحددة بسبب «الولادة»، وكانت رغم ظروف الحمل الصعبة طوال العام الدراسي ظلت مواظبة على استذكار دروسها، ولكن ظروف الإنجاب حرمتها من الجلوس للامتحان في نهاية العام، فلم تيأس، وواصلت المذاكرة وجلست لامتحانات الدور الثاني ونجحت بنسبة 97%.
الطبيعي ان يهلل التربويون لفتاة كهذه كانت حبلى ثم أنجبت وليدا وظلت ترضعه وترعاه وتذاكر دروسها في نفس الوقت حتى نجحت بتفوق مثير للإعجاب، جعلها ضمن العشرين الأوائل في امتحان الشهادة الثانوية على مستوى بلادها، وما يثير الإعجاب أيضا أن زوجها كان وما زال متحمسا لمواصلتها دراستها، وكان هو من حمل أوراقها إلى كلية البنات حيث وجد موظفات قسم التسجيل قد حولن المكتب إلى مطعم به شتى صنوف الفطائر والحلويات (وهذه ظاهرة في دواوين الحكومة في كل الدول العربية تقريبا حيث يأتي الموظفون بالطعام ويفرشون الصحف فوق طاولة أو على الأرض ويأكلون أمام أعين أفراد الجمهور.. فول وبصل وحمص.. وبعضهم كرماء.. تدخل عليهم فيصيحون فيك: تفضل.. وبعضهم لئام: روح مو فاضين الحين.. وفي تقديري فإن الأكل الجماعي في المكاتب يجب أن يمنع ما عدا في مناسبات مثل الاحتفال بترقية أو زواج أو نجاح أو وداع زميل أو زميلة، ما لم يقتصر الأمر على سندويتش).. ما علينا.. قالت موظفات قسم التسجيل في كلية البنات إن مجموع 97% لا يؤهلها للالتحاق بقسم اللغة الانجليزية الذي ترغب في الالتحاق به. (كم المجموع المطلوب لدراسة الطب والصيدلة والهندسة؟).. توجه الزوج إلى الوزارة فقالوا له إن الحائزات على شهادة في الدور الثاني للامتحانات لا ينظر في أمر قبولهن في الجامعات (طيب ولماذا هناك دور ثان؟).. كان هذا الكلام يناقض كلام مسؤولة التسجيل في الجامعة التي أبلغت الزوج أن باب التسجيل ما زال مفتوحا ولكن المشكلة هي ان الزوجة لم تحصل على المجموع المطلوب!!.. كل ذلك أمره هين.. وعادي.. ويحصل في أرقى العائلات والجامعات، (طبعا ليس هذا بالأمر الهين فلو أن نسبة 97% لا تؤهل طالبا للالتحاق بجامعة فمعنى هذا أن هناك سخاء في تخصيص الدرجات في الامتحانات، وأن فرص التعليم العالي مكفولة فقط لمن يحرزون 115% في الامتحانات)، ولكن ما هو غير عادي وغير معقول او مقبول إطلاقا فهو ما قاله أحد موظفي الوزارة لزوج الطالبة المتفوقة عندما أبلغه أن زوجته لم تجلس للامتحان في موعده الأصلي بسبب إنجابها لطفل… هل تصدق أنه قال للزوج: يا أخي ليش تخليها تحمل علشان تولد في فترة الامتحانات؟.. أنقل هذا الكلام على ذمة الصحيفة التي أستقي منها الخبر، وإذا كان هناك موظف طرح مثل ذلك السؤال الوقح فإن الطبيعي أن يتم إجراء تحقيق معه وبعد ثبوت «التهمة عليه، طرده من الخدمة.. متى تحمل زوجتي ومتى تنجب أمر لا يخصك يا قليل الأدب ولا تستطيع لوائح وزارات حكومات الكون ولا الأمم المتحدة أن تقرر لكائن من كان حتى لو كان أرنبا أو قطة – متى يحبل ومتى يجهض ومتى ينجب! أم ان ذلك الموظف يعلم بوجود نص في اللوائح يقضي بضرورة هجر الطالبات المتزوجات في المضاجع قبل تسعة أشهر من موعد الامتحانات»؟
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]