الصادق الرزيقي

السيناريو المتوقع

[JUSTIFY]
السيناريو المتوقع

< أمام الحركة الشعبية قطاع الشمال، خياران لا ثالث لهما في جولة المفاوضات التي بدأت أمس، فإما أن تقبل على التفاوض بعقل وقلب مفتوحين وتراعي في ذلك اعتبارات التحول الهائل في الوضع بالداخل من ناحية الحوار والحريات السياسية، أو تطورات دولة الجنوب الضاغطة على القطاع وحلفائهم لمناصرتهم جوبا في حربها ضد المتمردين.. أو يسعى وفد الحركة بمساعدة جهات دولية وإقليمية لتعطيل المفاوضات مرة أخرى وبمبررات جديدة رغم قرار مجلس السلم والأمن الإفريقي بأن تكون هذه الجولة هي خاتمة المطاف. < ويبدو من طبيعة تكوين وفد الحركة قطاع الشمال الذي لم يطرأ عليه تغيير كبير، ووجود مستشارين وخبراء يعملون لصالحها، أنه لم يحدث أي تطور في الموقف من ورقة الوساطة التوفيقية التي قدمت من قبل في منتصف فبراير الماضي خلال الجولة الأولى، وقد يسعى وفدها إلى إعادة إنتاج موقفه بشكل جديد وبحجج لا تفيد في حل قضية المنطقتين. < وسيظهر من خلال هذه الجولة التي بدأت أمس بلقاءات للوساطة مع طرفي النزاع، أن وفد الحركة سيكون أكثر مراوغة، وسيعطي عرمان بصفته رئيس الوفد دوراً أكبر للخبراء والمستشارين الذين يستفيدون من أجواء الحوار الداخلي في إبداء مناصرتهم للحركة دون أدنى تباطؤ أو حياء، فخلال الجولات السابقة لم يشأ مثلاً الأستاذ كمال الجزولي المحامي الظهور علناً نصيراً للحركة وخبيراً يعمل معها، وكانت مساهماته تتم من وراء حجاب، لكن هذه المرة أعلنته الحركة رسمياً مع فرح إبراهيم العقار الخبير والمقرب للحركة والمفضل لها منذ الجولة الأولى. < بجانب ذلك وبطبيعة عرمان التي تجنح للعمل الدعائي المعرضي على طريقة عرابه الراحل جون قرنق، قام وفد الحركة بالإعلان عن مجموعة من الخبراء والمستشارين ووصلوا بالفعل العاصمة الإثيوبية في معية الوفد، وهم كمال الجزولي الذي يمثل تحالف قطاع الشمال مع اليساريين والشيوعيين في الداخل، وفرح العقار ممثلاً للنيل الأزرق، ونجلاء محمد علي المحامية ممثلةً للشرق، وصابر إبراهيم أب سعدية وهو قانوني مقيم في جنوب إفريقيا، وهو من أبناء جنوب دارفور من أسرة عريقة في حي الوادي بمدينة نيالا، وكان خلفنا في سنوات الدراسة حتى المرحلة الثانوية، وهناك المطران أندود آدم النيل باعتباره من أبناء جنوب كردفان. < هذا التكوين لمستشاري الحركة بالإضافة لوفدها الرسمي الذي لم يشهد تبديلاً يؤبه له، فإن تمسكها بموقفها السابق سيكون هو الخيار الأرجح الذي تختاره، ولم يخف رئيس وفد قطاع الشمال ذلك في تصريحاته للصحافيين أمس قبل وعقب لقائه مع الوسيط الإفريقي ثامبو أمبيكي.. وستحاول طرح القضايا القومية وما يسمى مناطق الهامش والإيحاء بأنها «أي الحركة» تمثل كل مناطق السودان التي جاء منها ممثلون وخبراء ومستشارون، مستعينة في ذلك بمؤازرة تجدها من بعض ممثلي القوى الدولية الموجودين في مقر المفاوضات وبعض دول الجوار، وللأسف من بينهم دول عربية شقيقة!! < ومهما يكن، فإن السيناريو المتوقع واضح، هو تمسك وفد الحركة بموقفه السابق والتلاعب على الوساطة بطرح موضوعات وقضايا تعلم الوساطة مسبقاً أنها ليست ضمن تفويضها، وينشط المبعوثون الدوليون ودبلوماسيون غربيون ومنظمات غير حكومية أمريكية وأوروبية لزيادة التغبيش لدى الوساطة والضغط عليها، خاصة أن الحركة قطاع الشمال جاءت لهذه الجولة لاستثمار هزائمها في مناطق جنوب كردفان والعمليات العسكرية الأخيرة التي نجحت في طرد التمرد من «12» منطقة وتنظيفها من رجس المتمردين، وسيملأ عرمان والوفد معه الأرض ضجيجاً للحديث عن أهمية وقف إطلاق النار الجزئي للغرض الإنساني لتوصيل المساعدات للمتضررين من العمليات العسكرية، وسيكون هناك فاصل من الدعاية السوداء والتباكي بالكذب على ضحايا القصف الجوي وغيره من الأكاذيب التي عُرفت عن عرمان وحركته التي يقود وفد تفاوضها. < وبسبب تردد وضعف الوساطة سيتم الالتفاف على قرار مجلس السلم والأمن الإفريقي بسبب الصعوبات في التوفيق بين المواقف، وتنتهي الجولة هذه بطلب التمديد لجولة أخرى وسيجد السيد أمبيكي مخرجاً سهلاً لإعلان ذلك. < والسبب في هذا كله أن هناك جهات دولية وإقليمية لا تريد لهذا النزاع السوداني ونزيف الدم أن يتوقف، وتلتقط أية ذريعة وتستخدم بيادقها الداخلية لإجهاض هذه المساعي .. ولن نتفاجأ إن تعثرت هذه الجولة وتعسرت ولادة الحل. [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة