منى سلمان

هو أنا حي ليهن ؟

[ALIGN=CENTER]هو أنا حي ليهن ؟!![/ALIGN] في حقبة من حقب تاريخنا الماضي البعيد، اجتاحت بقعة (صغيرونة) ونائية من بقاعنا البلقع، موجة من وباء الاسهالات المائية اسم الدلع لـ (الكوليرا)، فأدت لخسائر فادحة في أرواح العباد، ولكن تم بحمد الله محاصرة الوباء والتخلص منه قبل أن يمتد لبقية البقاع (التانية) ويلحقها (غطس الرقدو).
ولكن بطبعنا المحب للتخبر ونقل الخبارات، سرت الاشاعات عن هذا الوباء سريان النار في الهشيم، ومن باب (التهويل) ضاعفت الاشاعات من عدد ضحايا الوباء، وسرعة سريانة عبر البلاد مما أدى لإصابة العباد بخوف عظيم، فاضربوا عن أكل الخضارات ما (طزج) منها وما (نجض) على نار (أم قشاقش)، واعتزل الناس أكل السوق والمطاعم الشعبية، وبارت بضاعة باعة (اللخاويس) التي كانت تباع للسابلة في الطرقات والاسواق ..
تبع ذلك انخفاض (حاد) في اسعار الفاكهة خاصة المنقة والبطيخ، مقابل ارتفاع (أحدّ من الاولاني) في اسعار الليمون، فنتج عن ذلك الارتفاع أن (قام يتعزز الليمون) حتى أن العشاق صاروا يضربون المثل بغلاوة الليمون في تعالي المحبوبات عليهم وادعاء الاهميات الزايدة، فعندما تسأل أحدهم عن حال الجكسة يخبرك بأنها:
عاملة لينا فيها زي ليمونة في بلد قرفانة !
وإن كان من الأولى تحوير المثل لتكون (في بلد غرقانة) بدلا عن (قرفانة)، فقد غرقت البلد في الاشاعات قبل أن يغرقها طوفان (المائي).
وسط تلك الأجواء الملبدة بغيوم الاشاعات، وفي واحدة من قرى وسطنا الحبيب، قرر (عوض الجيد ود أب عوّة) أن يكمل مراسم زفافه على بنت عمه (نايلة بت الزين)، فـ (عبأ وشال) وتوجه بص السيرة نواحي الصعيد الجواني حيث ديار العروس، وفي متنه أهل الحلة (جت) عليهم .. صغير وكبير إلا من أبى وما أبى إلا بعض النفساوات والمنافساتنهن و(ضوّة بت النور) وما ذاك إلا لانها مازالت في بيت الحبس.
تحرك بص السيرة بعون الله وضرب الخلا، تاركا خلفه الخوالف من نساوين الحلة والقواعد من عجزتها في رعاية الله ، وبعد ليلة ونصف نهار وصلوا لديار العروس فاستقبلوهم بالترحاب وافاضوا عليهم من خير زرعهم وضرعهم وطيبات لحوم سعيّتهم .. وبعد غروب الشمس وقبيل بداية (اللعبة) طاف على الذكور منهم طائف بالكثير من ما خمّرته (تيباراتهم) لزوم تمومة الإنبساط !!
تناسى أهل العريس كلام (الاشاعات) الذي كانت تفيض به مجالسهم عن (الإسهال المائي) الذي لا يأخذ المصاب به بين أصابعه (قلوة)، فكلها (مشية مشيتين) إلى بيت الراحة ثم يرتاح المصاب بعدها من الدنيا بالفيها، وينتقل لبيت (ود الأحد) حيث الراحة الابدية .. تناسوا كل تلك (الأراجيف) عن الإسهال (النضيف) ونزلوا في الأكل بـ (رؤوسهم).
تحرك بص السيرة عائدا بأهل القرية بعد قضاء ليلتين ويوم في ضيافة أهل العروس، تاركين خلفهم العريس في ضيفة وقرعة نضيفة ..
مضى نصف وقت الرحلة والجميع نيام من أثر التعب والسهر والسفر، وفي النصف الثاني منها بدأ الصغار في الاستيقاظ والفرفرة، عندها استيقظ (النيّل) شقيق العريس من نومته على أصوات كركبة وكركرة مزعجة صادرة من بطنه .. حاول أن يستعدل ويغير من رقدته فأسند وجهه على كفه ومال على شباك البص وحاول معاودة النوم، إلا أن شعورا حارقا بـ (الحيرقان) منعه من ذلك ..
تفاقم شعوره بعدم الراحة مع شعوره بالحوجة للدخول لبيت الراحة فـ (طارت السكرة وجات الفكرة) حين تذكر اشاعات (الاسهال المائي) ثم تذكر الشيات والنيات والسلطات و(غيرها)، والتي اسرف في تناولها (بلا وعى) متناسيا أن أكل المناسبات من أول أسباب الاصابة بالداء ..
عندما وصل بأفكاره لتلك النقطة أصابته (لواية) شديدة وغلبه الصبر، فتقدم من السائق بخطوات مترنحة – بسبب حركة البص في الدقداق .. انحنى وهمس في اذنه ببضع كلمات توقف البص بعدها (طوالي)، ونزل منه (النيّل) واسرع مبتعدا وجميع من في البص يتابعه و(يتاوق) له بالشبابيك حتى غاب وراء احدى التلال ..
أسرع بـ (التشمير) وجلس وهو يلحف بالدعاء بأن تكون (قوية)، ولكن عندما انفجر شلال بطنه وسال على الرمال، صرخ في لوعة وجزع:
أماااانة ما وقع راجل !!!
سكت اندفاع المياه من مصارينه بعد أن (تمصرنت) فقام يتخبط يريد البص وهو يجاهد أن يحكم رباط (التكة) دون أن يقدر من (الرجفة) حتى صعد لمتن البص، فصاح فيه السائق ينتهره منبها له ليسوي ثيابه قبل الصعود:
هوي يا راجل .. ما بتختشي؟ ما شايف الحريم ديل بعاينن ليك؟ نزّل جلابتك.
فما كان من (النيّل) إلا أن قال له في أسف وقنعان المفارق الدنيا:
ما يعاينن كان عاينن .. هو أنا حي ليهن ؟!!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫15 تعليقات

  1. اختي المنينه ام الرير السحائي شغال شغل في الجزيرة ياخي تكلمي في السياسة مرة ولا بتخافي

  2. بابت سلمان الكلام ده بتجيبى من وين يحفظك الله واحه نستريح عندها بعد عناء يوم مرهق وبالتوفيق0

  3. الاستاذة المنينة كما يحلو للمراقب بتسميتك عفارم عليك جعلتينا يوميا نتشوق لنقرأ لك كل جديد وتناولك للمواضيع باريحية يجعلنا نحس كأننا نعايشه على الطبيعة فربنا يقويك ويطول قلمك دائما – حياك الله

  4. أم الــري حـــكــو لــيــكــي حـــكــايــة ولا كــنـــتـــي مــعــانــا

  5. يا بت سلمان الله يديك العافية

    بس عاوز اقول حاجه
    اكيد اتي من اهل العوضههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

  6. جزاك الله عنا كل خير وربنا يسعدك بقدر اسعادك لنا بتلك الحكاوى والزمن الحلو والناس الحلوين ،، وكم كم فى بوادينا وحتى اطراف العاصمه من قصص ومعايشات تنتظر امثالك ليعكسوها لناس البندر وبالاسلوب المميز الذى تسردين به المواضيع ،،، وفى كتاباتك تذكير باجتماعيات وعادات وامثال قد يظن البعض بانها اندثرت وراحت مع الطيبيين وعسى ان يفيد ذلك التذكير ا لاجيال الجديده وشباب البندر ،، وتحياتى ودمتى

  7. والله يابت سلمان بتذكرينى مراه كانت فى حلتنا أسمها الرضية بت سليمان هتراشة وكلامها كله خارم بارم لكن فيه حكم ….. الله يرحمها ويحسن اليها …..
    التحية لك وعزائى فى فقد الوالدة لقد غبت فترة وأول دخولى فوجئت بنبأ وفاة الوالدة نسأل الله العلى القدير أن يدخلها فسيح جناته ويلهمكم الصبر …

  8. والله ماعارف السبب فتحت موضوعك اكتر من خمسة مرات لاكن ماقدرت اقراهو لانو مختلف حتي من العنوان مع العلم بقرا كل مواضيعك ;(

  9. والله قطعتى مصارينا بالضحك
    منتهى الرووووووووووووووووووووووووووعه

  10. مساء الخير بت سلمان
    انا احب حيات العرب البسيطة
    والمزح والطرائف الفيها بدون رتوش

    حياة حلوة ليه طعمه الخاص اذكر زات مرة من المرات
    احدا حبوبتي قالت لى زيك ود قلبى بتين جيت
    وقلت ليه جيت ام بارح وقالت لى هى يا ولدى انا بعرف ليك امبارح دى

  11. أستاذة مني … الله يعطيك العافية

    لقد ضحكت كثيرا وكثيرا جدا وسعدت بمقالك الجميل خفيف الظل ، حتى خفت علي نفسي من كثرة

    الضحك خاصة وأنا أقرأ ما يعاينن كان عاينن .. هو أنا حي ليهن ؟!! .

    أسعدك الله في الدارين دنيا وآخرة .

    مع تحياتي ….

    سومة