تحقيقات وتقارير

أبيي .. مستشفى يحتضر .. العاملون بالمستشفى لم يصرفوا مرتباتهم منذ «10» أشهر

غرفة ولادة ملوثة.. غرفة عمليات مهجورة.. عنابر خالية من الأسرة.. تكدس للمرضى دون الحصول على العلاج.. عربة إسعاف معطلة.. إنهيار البنيات التحتية.. عدم وجود أطباء سوى مساعد طبي واحد، وفني معمل.. هروب جماعي للأطباء للبيئة الطاردة غير المواتية للعمل الطبي.. «01» أشهر والعاملون لم يصرفوا مرتباتهم.
هذه الصور المؤلمة يعاني منها مستشفى «أبيي» الملكي الذي زارته «الرأي العام» مؤخراً، التحقيق الميداني التالي يعكس بالقلم والكاميرا واقع الحال لمستشفى يحتضر..
حشائش وناموس
عند زيارتي لمنطقة أبيي لحضور قرار لاهاي هناك لم يفتني ان انتهز الفرصة للذهاب لمستشفى ظننت أنني ذاهبة الى مستشفى صحي يوفر العناية للمواطن لكن ما شاهدته عكس ذلك.. وجدت مبنى مكتوباً عليه «مستشفى ابيي». ولكني لم اجد اطباء ولم اجد ملمح عناية صحية وليست هناك عنابر للمرضى. العنابر خالية من الاسرة. والمكاتب خالية من الاطباء عدا مساعد طبي واحد وفني معمل واحد يؤديان واجبهما برغم الصعاب وانعدام الامكانيات.. عدد المرضى يومياً يتراوح بين «250» إلى «300» شخص أغلبهم من ضحايا الملاريا التي تفشت في المنطقة بصورة مزعجة واسهالات مائية تصيب الاطفال والكبار بجانب حالات مرضية اخرى قليلة.
فناء المستشفى مرتع للمياه الراكضة ويمتليء بالحشائش التي يعيش داخلها الناموس.. غرفة الولادة، مهملة لدرجة انني شاهدت مكنسة، (مقشاشة) فوق أحد الدواليب داخل الغرفة وهي غرفة عمليات.. إنهيار كامل وتام للبنيات التحتية للمستشفى…
شاهدت عربة إسعاف تتبع للمستشفى، وهي معطلة تحتاج للصيانة، وعند حاجة احد المرضى لها لنقله الى مستشفى هجليج، فإنه يتحمل ثمن الوقود وأجرة السائق..
وعند تجوالي داخل فناء المستشفى وجدت شريطاً احمر يلتف حول مكان محدد في المستشفى بصورة لافتة للانتباه وعند سؤالي مدير إدارة المستشفى «ياي كور دينق الور» أفادني بأن ذلك كان حجراً صحياً «كرنتينة» لحمي مجهولة اصابت «4» أشخاص من قرية واحدة داخل منطقة أبيي وقال بأن ادارة المستشفى: ارسلت عينة للفحص الى معمل استاك بالخرطوم وجاءت النتيجة بأنها حمى مجهولة، هذه الحالات الآن انعدمت تماماً خاصة وان وفاة هؤلاء الاشخاص كانت قبل شهر تقريباً. واوضح بان حالتهم كانت عبارة عن حمى شديدة واسهال عبارة عن دم، وسخونة بالارجل حتى تصل إلى الرأس والرعاف ومن ثم تؤدي إلى الوفاة إلا أنه اكد بان هذه الحالات انعدمت الآن تماماً.
إدارة المستشفى
? ما هي الحالات المرضية التي توجد الان بالمنطقة؟
– يجيب «ياي كور دينق ألور» مدير إدارة مستشفى أبيي: إسهالات مائية بصورة كبيرة موجودة عند الاطفال، وقال المدير الاداري قمنا بارسال عينات فحص هذا الاسبوع الى مركز لواء بالقرب من ابيي وتأكد بأنها عبارة عن اسهالات مائية .
? حالات الوفاة بالمنطقة
معظمها هبوط حاد نتيجة لفقدان السوائل وعدم معرفة المواطن بالتوعية الصحية.
? وحول الاوضاع العامة للمستشفى وعدم وجود أطباء؟
– قال «ياي كور» بأن المستشفى لم يعرف صرف المرتبات منذ «10» أشهر ولا يوجد سكن او ميز للاطباء، وقال كان بالمنطقة «4» أطباء غادروا المستشفى لعدم صرف المرتبات وعدم توافر السكن وقال إن الاطباء تذمروا لاهمال المسئولين والذين لا يضعون لهم اعتباراً.
مضيفا بأن ميز الاطباء أخذ منهم ومُنح لنائب حاكم أبيي ومسئول الامن الوطني بالمنطقة.
وافاد بان ادارة المستشفى تقدمت بشكوى لوزيرة الصحة حول هذا الامر ووعدتهم بحل هذه الاشكاليات لكنها لم تفعل، كما وعدت ايضاً بتوفير احتياجات المستشفى خدمات للمستشفى ولكن لا حياة لمن تنادي لكل المسئولين اللهم سوى ادوية قليلة من حكومة الجنوب.
? قاطعته: ولكن حسب علمي أن وزيرة الصحة الاتحادية زارت المستشفى حديثاً؟
– قال المدير الاداري للمستشفى بان وزيرة الصحة تابيتا قامت بزيارة للمستشفى هذا العام ووقفت بنفسها على الوضع الصحي، ووعدت بدعم المستشفى من توفير اطباء ومعينات عمل ولكنها لم توف بوعدها تجاه المستشفى حتى هذه اللحظة ولم نتلق اي دعومات «وقال : انت ترين حال المستشفى بنفسك وكاميرتك».
مواجهة مع الوزيرة
وبعد حضوري للخرطوم ذهبت الى وزارة الصحة الاتحادية وقابلت الوزيرة «تابيتا بطرس» وشرحت لها الوضع الصحي المتردي وما آل اليه حال المستشفى والمرضي، فاوضحت أن كل المجهودات التي رأيتها في مستشفى ابيي تعتبر من (مجهودي أنا) وأول دعم صحي يدخل لمنطقة أبيي كان، فرقة إتحادية دخلت في العام 6002م، وقالت انها قدمت اهم انجازات كان عبارة عن مكتب للخدمات الصحية، وقبله ذهب وفد مكون من حكومة الوحدة الوطنية للوقوف على الحالة الصحية هناك.
واضافت بطرس: من ناحيتي كوزيرة اتحادية قمت بتعيين شخص مسئول من الملف بالاشتراك مع الامدادات الطبية وخاطبت فيه رئاسة الجمهورية لدعم الوضع الصحي هناك وذهبت وعملت تقييماً للوضع وجلست مع الادارات الاهلية والمنظمات العامة ووفد مشترك بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وقدمنا اسعافاً كامل التجهيزات به ادوية طواريء ويقدر بحوالي «120» ألف جنيه وبعثنا لذلك كوادر طبية وقمت بزيادة عدد الاطباء للمستشفى وكذلك عملنا مستشفى ريفياً متحركاً بتكلفة بحوالي «150» ألف جنيه بالاضافة لدعومات مراكز صحية في قرى مختلفة داخل منطقة ابيي.
واكدت تابيتا بطرس أن الدعم الصحي الذي قدمته لمنطقة أبيي كان حوالي «320» الف جنيه.
وخلال هذا الاسبوع سنرسل اسعافين للمنطقة وقد وجهت بتجهيزهما بجانب تجهيز عربة دفار محملة ومجهزة بادوية مختلفة بدعم من الامدادات الطبية ودعم اتحادي من الوزارة بالاضافة لحوالي عدد «05» سريراً و «05» مرتبة.
? مستشفى أبيي بلا أطباء.. ما سبب ذلك؟
– المشكلة الرئيسية هي عدم الدعم من وزارة المالية وعولت الوزيرة على صندوق دعم الوحدة لدعم القطاع الصحي هناك، وقالت إنها كونت مكتباً صحياً عاجلاً لمنطقة ابيي للوقوف على الاوضاع الصحية هناك.
هنادي عثمان :الراي العام