الأسواق الحرة .. الاستغناء باحسان
في سابقة هي الأولى من نوعها أن تقيم احتفالاً لوداع عاملين تم الاستغناء عن وظائفهم بأعداد كبيرة، فعادة ما يُقابل الاستغناء عن العمالة بالرفض والاحتجاجات والمظاهرات أمام المؤسسات، ولكن اتبعت الشركة السودانية للمناطق والأسواق الحرة نمطاً جديداً لمواجهة إشكالياتها وعقباتها المالية وذلك من خلال فتح باب أمام العاملين للإستغناء عن وظائفهم طواعية مقابل مرتب «30» شهراً، هذا العرض الذي وجد قبولاً واسعاً من العاملين للخروج من الإشكاليات التي تواجههم ولإخراج الشركة من عقباتها وجراحاتها المثقلة.
وبعد فتح الباب أمام «562» عاملاً من مختلف الدرجات تقدم أكثر من النصف لإخلاء وظائفهم حيث بلغت النسبة المقدمة لإخلاء وظائفهم «60%» من حجم العمالة في الوقت الذي حددت نقابة الشركة «31%» من حجم العمالة. ورأت الشركة والنقابة قبول طلبات بنسبة «36%» من حجم العمالة أي «200» عامل استلموا استحقاقاتهم البالغة «1.500» مليون دولار، ونظمت الشركة برنامجاً احتفائياً بوداع وتكريم العاملين بهذه المناسبة وسط حضور مكثف من العاملين وإدارات الشركة والعاملين بمختلف درجاتهم الوظيفية التي تبدأ من العامل وحتى مدير الإدارة تقدموا طواعية للإستغناء عن وظائفهم مقابل العرض المقدم لهم «راتب 30 شهراً» والذين تسلموا استحقاقاتهم وشهاداتهم أكدوا أنهم تنازلوا عن وظائفهم طواعية حتى يتسنى للشركة معالجة كافة إشكالاتها وجراحاتها وأن تعود كما كانت في السابق.
وقال الطيب صالح ممثل العاملين الذين تركوا وظائفهم أن الشركة قدمت لهم الكثير منذ تعيينهم، وأبان أنهم وجدوا كل التعاون والصبر في الأقسام المختلفة مبيناً بأن اتجاههم لهذه الخطوة تأتي لإنقاذ الشركة. النقابة العامة للعاملين في الشركة السودانية للمناطق والأسواق الحرة قالت إنها حددت قبل عام فتح باب التقديم للإستقالات الطوعية خاصة وأن مجلس الإدارة كان قد حدد في وقت سابق قفل الفندق الخاص بالشركة والمطعم نسبة للخسارة التي أصابتهم وتسريح العمالة وقفل شركة الليموزين وتقليص الإدارة التجارية.
وقال مهدي النور رئيس النقابة العامة للعاملين بالشركة أن الخيارات الأولى بتسريح العمالة قوبلت بالرفض وتدخل إتحاد نقابات عمال السودان وتم إىقاف الفصل التعسفي وتم تغيير القرار والوصول الى صيغة توافقية بفتح الاستقالات الطوعية موضحاً بأنه تم عقد جمعية عمومية للنقابة، وبعد المشاورات مع العاملين تم الاتفاق على مرتب «30» شهراً مقابل الاستغناء عن الوظيفة، وقال إنه تم فتح الاستقالات وحدد نسبة «31%» من حجم العمالة إلا أن الذين قدموا فاق نسبتهم «60%» وقال إنه تم القبول بنسبة «36%» أي «200» عامل من مجموع «562» عاملاً بالشركة.
إتحاد نقابات عمال السودان وصف هذه الخطوة بالمرنة خاصة وأن الخيار متروك للعامل في المواصلة في وظيفته أو الاستفادة من حقوقه، وأكد الاتحاد رفضه لأي تشريد للعاملين قسراً، وقال آدم فضل منسق الولايات بالاتحاد: لا نمانع في مثل هذه الخطوات خاصة وأن الخيار في يد العامل، وأكد في حديثه لـ«الرأي العام» رفضه التام لأي تشريد قسري يتم للعاملين في أية مؤسسة وقال إن العامل له الفرصة في الاستفادة من حقوقه أو مواصلة عمله.
الشركة السودانية للمناطق والأسواق الحرة التي شرعت في إجراء إصلاحات هيكلية شاملة ومراجعة كاملة لتوفيق أوضاعها خاصة بعد أن تحولت من شركة رابحة الى شركة مثقلة بكثير من الجراحات أعاقت مسيرة الإنطلاق حسب إفادات المختصين والذين قالوا إن مسيرة الشركة كانت مهددة الى مزيد من الخسائر لولا المعالجات التي تمت. وقال العضو المنتدب والمدير العام المكلف السابق الفاتح عبدالله أن إعادة الهيكلة لا تعني الاستغناء عن العمالة وتخفيض القوة العاملة بل مشروعاً استثمارياً يشمل مجموعة من الحزم والإصلاحات لتحقيق مجموعة من الأهداف ولمعرفة مصدر الجرح حتى يأتي العلاج شافياً، خاصة بعد أن أدت الأحداث الأخيرة الى تحول الشركة من رابحة الى شركة مثقلة بالجراح أعاقت مسيرة الإنطلاق وقال: وجدنا أنفسنا، إما نبقي الوضع على ما هو عليه وأن تمضي الشركة الى مزيد من الخسائر وتأكل من رأس مالها والغوص في البحر أو أن يتم التصدي لهذه الأسباب وتشخيص الداء وتحديد علاجها للوصول الى بر الأمان.
وأبان: إتخذنا المعايير كافة حتى لا يتضرر أي عامل من هذه المعالجات.
هذه الخطوة التي اتبعتها الشركة السودانية للأسواق الحرة قد تكون وسيلة جديدة لمؤسسات اخرى للتخلص من العمالة بطريقة مرنة. ولكن هذا يتطلب إغراءات وأموالاً طائلة للمؤسسات التي تريد أن تحذو حذو الشركة السودانية للمؤسسات والأسواق الحرة.
عبد الرؤوف عوض :الراي العام