يا راجل أنت إيه
في مسلسل مصري.. الزوج واجهته مشكلة (قانونية) عويصة عندما تعدى بعض الجيران على ممتلكاته.. فقال لزوجته بصوت عال (بكرة يا أفئدة تدوري على محامي يرفع لي قضية ضدهم)، الزوجة ألجمتها الدهشة فسألته بسرعة (يا راجل أنت إيه.. مش أنت محامي).. الزوج كمن آفاق من غفوة ردد معها (آي والله فكرتيني.. أنا محامي أروح أرفع القضية)..
أمس أصدر الاتحاد العام للصحفيين بياناً يشبه حكاية المحامي هذه.. إذ أشاد بقرارات اللقاء الأخير بين الرئيس والأحزاب.. ثم (أي والله) طلب من الحكومة أن تشرك اتحاد الصحفيين في الحوار.. (يا راجل أنت إيه!!!) على قول الزوجة في المسلسل العربي.. اتحاد الصحافيين لديه مقر كبير في موقع خطير في قلب حي المقرن.. ولديه حديقة كبيرة واسعة فيها مسرح.. حسناً ماذا ينتظر اتحاد الصحفيين.. هل ينتظر أن تذكره الحكومة بأنه هو (المحامي) ولا يحتاج إلى محامي.. صدق المثل الشعبي (المحرش ما بكاتل)..
إذا أراد اتحاد الصحافيين المشاركة في الحوار فليعلن عن ندوة سياسية في داره ويدعو الأحزاب حكومة ومعارضة ويفتح الحوار.. هذا إذا لم يكن الاتحاد يقصد بالحوار تلك الجلسة المشهودة تلفزيونياً في قاعة الصداقة.. من أجل الوجاهة..
وأمس قبل أن يجف صدى كلمات السيد رئيس الجمهورية المشير الركن عمر البشير في قاعة الصداقة وإعلانه فتح الحريات السياسية والصحفية.. قالت حركة الإصلاح الآن إن قيادييها الأستاذ حسن رزق والدكتور فضل عبد الله منعا من المشاركة في ندوة بالجامعة الأهلية بأم درمان.. ثم نشرت بعض الصحف والمواقع الإسفيرية أمس خبر منع صحيفة (الميدان) عن الصدور.. إلى هنا والأمر عادي.. فكثيرة تلك الندوات السياسية التي تمنع.. وما أكثر الصحف التي تصادر.. لكن هذه المرة كان هناك جديد.!!!
الجديد أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني هذه المرة سارع بإصدار بيان على لسان مدير الإعلام نفى فيه ارتباطه بأي من الواقعتين.. البيان رددته الإذاعة أكثر من مرة في فترة قصيرة.. بما يلمح إلى (حساسية) الأمر..
حسنا في هذه الحالة ليس مهماً من منع (حركة الإصلاح الآن) من دخول جامعة أم درمان الأهلية.. وليس مهماً من صادر صحيفة (الميدان).. فالأهم أن جهاز الأمن (يهمه جداً) إبعاد الشبهة عن نفسه.. بما يعني الحرص الشديد وتأكيد أن قرار فتح الحريات لم يمس.. وأن مجرد تناقل خبر المساس بالحريات صار مساساً بجهاز الأمن للدرجة التي تدفعه للتعجيل بالنفي والنأي عن شبهة معارضة المعارضة.. هذا مسلك حسن مطمئن..
من مصلحتنا جميعاً.. تشجيع الخطوات الجديدة.. بل واختبارها.. أقترح على تحالف القوى المعارضة أن يشرع فوراً في ترتيبات ندوة جماهيرية في ميدان (الرابطة) بشمبات.. ندوة (بدل فاقد) لتلك التي منعتها الحكومة قبل عدة أيام.. هنا المحك الذي ستحتاج الحكومة لعبوره بسلام.. فليس متوقعاً -بعد إطلاق الحريات- أن تتحدث المنابر بلا غبينة.. بكل يقين الخطاب السياسي سيكابد الانفعال بعد الكبت.. وربما يخرج عن النص.. ولكن تبقى المشكلة أنه حتى ولو خرج (على النص) فلا يجب أن تخرج قرارات إطلاق الحريات عن النص.. فالحرية يعالجها مزيد من الحريات..
إذا شاعت الحريات واستقرت.. بكل يقين سيساهم ذلك في توفير أقوى (ضمانة) للحركات المسلحة في دارفور والمنطقتين لتنخرط في الحوار الوطني.. وإذا تحقق مثل هذا الحوار الشامل.. فسيكتشف الفرقاء السودانيون كم أضاعوا من العمر في حروب عبثية أهدروا فيها الأرواح والمال بلا طائل..
[/JUSTIFY]حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]