الطاهر ساتي

تاني ما تحتسب

[JUSTIFY]
تاني ما تحتسب

:: عندما إتسعت الدولة العباسية وإنتشرت أسواقها، عجزت السلطات عن مراقبة كل الأسواق .. وشعر المجتمع بالعجز و آثاره السالبة، وتطوع لمراقبة الأسواق وسلعها وأسعارها بواسطة أفراده.. ثم أسموا الفرد المتطوع بمراقبة السوق ب (المحتسب)، أي يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر بلا مقابل .. ولاحقاً، تطورت مهام المحتسب و تجاوزت الأسواق وسلعها إلى كل مناحي الحياة.. بالسعودية، على سبيل المثال، العامل في هئية الأمر بالمعروف ( محتسب).. ثم بكل الدول تقريباً، بما فيها الدولة السودانية، ينص القانون على حق المواطن في حماية الحق العام – مالاً كان أو غيره – بصفة ( المحتسب).. وبهذه الصفة، يحق لأي مواطن فتح بلاغ ضد أي جهة تنتهك أو تبدد ( المال العام)..!!

:: عبد القادر مصطفى، مواطن صالح ومقيم بالدمازين، قرأ ما يلي بالنص : ( هناك خلل واضح في كشوفات المرتبات، بمحلية الفاو لايوجد سجل وظائف، ولايوجد حجم القوى العاملة، وتم تزوير كشوفات المرتبات بهذه المحلية بضم أسماء غير موجودة .. وبمحلية الرصيرص، يتم صرف المرتبات لعمالة غير موجودة، وكذلك يتم صرف المرتبات لعمالة تم نقلها من المحلية قبل سنوات، وكل هذا يسمى بالتزوير .. وعليه، هناك تجاوزات إدارية ومالية بكشوفات المرتبات، ليس بمحليتي الفاو والرصيرص فقط، ولكن في معظم المحليات والوحدات الحكومية بولاية النيل الأزرق، ولذلك يجب مراجعة وتصحيح كشوفات المرتبات بالولاية ثم محاسبة المسؤولين من هذه التجاوزات، و الله الموفق .. أدم اسحق عبد الله، مدير إدارة المراجعة الداخلية، وزارة المالية والإقتصاد، ولاية النيل الأزرق)..!!

:: هكذا كان تقرير هذا المراجع قبل خمس سنوات تقريبا، أي بتاريخ 24 يوليو 2008..(تقرير رسمي جداً)، صادر عن جهة رقابية رسمية ومعترف بها ( حكومياً وشعبياً)، ومع ذلك لم يحدث أي شئ .. لم تتم مراجعة كشوفات المرتبات بحيث تُشطب الأسماء المجهولة التي تصرف أموال الناس بغير حق، ولم تتم مراجعة الكشوفات بحيث تُشطب الأسماء التي تصرف أموال المحلية وهي لا تعمل بالمحلية، ثم الأدهى والأمر لم تتم محاسبة المسؤولين عن هذا التزوير، أو كما وجه المراجع .. ( كلو في محلو)، رغم وجود وزارة مالية و شرطة و نيابة ومحاكم بالنيل الأزرق .. وعندما تأكد بأنهم لم – ولن – يحركوا ساكناً، تطوع عبد القادر مصطفى بحيث يكون ( محتسباً)، أي يفتح البلاغ ويقاضي المحليات ويسترد هذا المال العام بلا مقابل ..!!

:: تقدم عبد القادر بالشكوى لنيابة الدمازين، وأرفق مع الشكوى تقرير المراجع وكان طازجاً، أي في ذات (عام التجاوزات).. دفع من ماله الخاص، وتابع كل مراحل الإجراءات بصبر المحتسبين حتى تجاوزت الشكوى تلك النيابة إلى المدعي العام .. وبتاريخ 11 يناير 2011، أصدر المدعي العام قراراً لنيابة الدمازين بتحريك الشكوى، أي تحريكها إلى حيث المحاكم .. إستلمت نيابة الدمازين قرار المدعي العام، و أبقته بطرفها بلا تنفيذ لمدة ( 20 شهراً).. ظل خلالها عبد القادر يعاني من نهج ( إمشي وتعال).. وبذات الصبر، تقدم بشكوى لوزارة العدل، ليس ضد المسؤولين عن تلك التجاوزات، بل ضد نيابة الدمازين على رفضها تنفيذ قرار المدعي العام .. واليوم مضى عاماً وآخر ثم نصف العام، ولم تبارح شكاوى عبد القادر مكانها بالدمازين والخرطوم .. كما شكواه ضد المتجاوزين حبيسة بنيابة الدمازين، أيضا شكواه ضد نيابة الدمازين حبيسة بوزارة العدل، وكل الوثائق بطرفنا إن كان بالخرطوم والدمازين من يهمه أمر ( المال العام).. هذا حال محتسب في دهاليز العدالة، ربما ( عشان تاني ما يحتسب)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]