الشيوعي بين الحوار والثورة
لو نجح حزب المؤتمر الشعبي في إقناع الحزب الشيوعي بالدخول في الحوار، فإن ذلك سيشكل مكسبا نوعيا كبيرا لعملية الحوار حيث سينتفي عن الحوار وصف (اتفاق أهل القبلة) وسينتفي عن لقاء الشعبي والوطني الاتهام بنوايا العودة إلى مربع الإنقاذ الأول، لأن المربع الأول لم يكن لحزب الأمة فيه نصيب بل كان أول الأحزاب المعارضة للإنقاذ ولا للشيوعيين طبعا فهم الخصوم التقليديون للإسلاميين في كل زمان ومكان، كما أن المربع الأول لم تكن فيه أية فرصة لتطعيم الشمولية الحاكمة على كل المستويات..
والحزب الشيوعي السوداني وبرغم محدودية قاعدته الجماهيرية – وهذه حقيقة – لكنه وللأمانة يمثل جزءا من الواقع السياسي الحقيقي في السودان، بل هو جزء من الواقع التأريخي الذي لم يولد في مخاضات الأزمة السياسية القائمة الآن أو تلك التي حدثت بعد 89 بشكل عام..
والماركسية التي لا يحب الحزب الشيوعي الآن الإقرار باعتناقها أو حتى الترويج لأيدلوجيتها الفكرية لكنها ظلت في كل المراحل التي أعقبت الاستقلال عدا بدايات نميري ظلت الشيوعية على طول الوقت إحدى رمزيات الرفض للواقع السياسي التقليدي، كما أن الكثير من السياسيين في السودان مروا بمحطتها الفكرية في مرحلة من مراحل حياتهم السياسية، ثم منهم من تخلص منها مبكرا وهناك آخرون لم يتخلصوا منها حتى الآن لكنهم يغضبون حين يصفهم أحد بالإلحاد أو تراهم يخرجون بتصريحات غريبة مثل تصريحات الشفيع خضر حول عدم ممانعتهم من أن يعتمد دستور البلاد على الشريعة الإسلامية وهذا كلام كبير إذ أن هناك فرقا بين أن تقول (الشريعة أحد مصادر التشريع في الدستور) وبين أن تقول (الدستور يعتمد على الشريعة) ..
ومثل تصريح الشفيع هو الذي يجعلنا نقول إن الحزب الشيوعي السوداني هو أدبيات نضالية وقصائد ثورية وإبداعات تعبيرية عن الرفض لكنه عبارة عن حالة ثورية أكثر من كونه حالة فكرية..
لا أحد الآن يتبنى علنا النظرية الماركسية ويروج لها ويعتنقها، لكنهم وبرغم ذلك لا يقبلون القيام بمراجعة للمشروع الفكري والسياسي..
الشيوعيون السودانيون مثل التوابل في الثورات والانتفاضات يجملون مذاقها بالهتافات والشعارات والأدبيات لكنهم لا يستطيعون التقدم أمام حشود جماهيرية كبيرة بزعم جازم أنها تعتنق الفكر الماركسي، لا شيء مثل هذا إطلاقا على أرض الواقع..
وهذا لا ينفي تأثيرهم كشخصيات وكوادر وقيادات محترمة، فبمقدور الشيوعي السوداني الواحد بما لديه من خبرة تراكمية في الاحتجاجات وتحريك الشارع أن يزن كوما من منسوبي الكثير من الأحزاب الأخرى، وبمقدور كادر شيوعي مثقف يخطب في الجماهير حين يخطب أن يحرك فيهم حالة حماسية أو ثورية كبيرة للانطلاق والاندفاع، لكن الجماهير نفسها تعود وتستكثر عليه حمل ديباجة الشيوعية لثورتهم بشكل جماعي..
الشيوعية في السودان نخبة وتأريخ وحالة مهمة، لكن الحلم الثوري اليساري حلم صفوي لا يكسب جماهيريا كفكرة وإن كانت لديه الفرصة أن يكسب كقيادات مميزة مثل ما كسب نقد دائرة الديوم وغيره ليس بسبب أن منطقة الديوم كانت منطقة شيوعيين منظمين بحجم جماهيري حاشد، لا شيء مثل هذا في السودان لا اليوم ولا أمس ولا بعد مائة عام قادمة..
لو دخل الحزب الشيوعي في الحوار فسيكون الحوار قد كسب لوحة زاهية ولافتة تأريخية وتوصيفات جديدة وخبرات وطنية مفيدة لنهضة البلد، وكلها مكاسب كبيرة ومحترمة سياسيا ووطنيا أو يجب أن تكون كذلك.
ثورة الشيوعيين كجماهير في السودان هي حلم رومانتيكي، أما إسهامهم كنخب في صناعة المرحلة القادمة في البلاد فهو الممكن بل أكاد أراه المتوقع .
[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي
يا اخ جمال انت تخلط بين الفكر والسياسة وممارساتها فى السودان
اليس فى الاسلام شيوعية؟
ما علاقة الالحاد بالشيوعية كفكر اجتماعى قامت عليه؟
ثانيا يجب ان تدرك ان الافكار النزيهه المختلفة لا تتفق والا لما اختلفت