الجريمة والعقاب
ما أنا متأكد منه أن حادثة مقتل «سهام»، ابنة الأخ والصديق والنجم الكويتي السابق حمود فليطح الطالبة في كلية الآداب، وابنة التسعة عشر ربيعا ــ رحمها الله ــ أخذت وستأخذ حيزا هائلا من الاهتمام والتعليقات والمقالات والتحقيقات الصحافية والتلفزيونية والتغطية الإعلامية، ليس فقط لبشاعة وهول الجريمة، التي لم أعرف شخصيا أسبابها حتى ساعة كتابة هذه المقالة، ولكن لأن المجتمع الخليجي بشكل عام لديه في كل بيت تقريبا «خادمة»، رغم كرهي لهذه الكلمة، وأفضّل كلمة «عاملة» أو «ناني» أو «مربية» أو أي شيء ما عدا «خادمة»، ولهذا فالجريمة مسّت كل بيت خليجي، فضلا عن شخصية الأب المحبوبة لدى القاصي والداني.وأنا شخصيا لدي «عاملة منزلية» فرضتها ظروف البيئة التي نعيش فيها، وأولها عمل الزوجة، على الرغم من أن زوجتي يوم آثرت الجلوس في المنزل رفضت رفضا قاطعا وجود أي جسم غريب في البيت يتشارك معها حياتها ويحسب عليها تحركاتها. وبالتأكيد لن أقوم هنا بتحليل ظاهرة «الخدم»، التي تحتاج إلى أطروحات دكتوراه، ولكني أيضا أتوقف عند من يمتهنون هذه الوظيفة من إخوتنا (الجالية الإثيوبية)، التي جربتها شخصيا مرتين في بداية إقامتي بدبي، استمرت التجربة الأولى ليلة واحدة، بعدما أكد لي مكتب العمل أن «الخادمة أو العاملة» لديها أوراق نظامية، وعندما جاءت بيتنا تبين أنها هاربة من منزل آخر، فأعدتها صبيحة اليوم الثاني من حيث أتيت بها، أما التجربة الثانية، فاستمرت ثلاثة أيام وانتهت يوم أضاعت الإثيوبية ابني الوحيد في مركز تجاري صغير، فيما كانت مشغولة بالحديث على الهاتف مع صديقها، وكنت أنا أصلي في المسجد، ولولا العناية الإلهية والأمن والأمان في دبي لضاع الولد.ولهذا يممت شطر الفلبين، رغم بعض المحاذير التي لا تخلو منها أي جنسية، عربية كانت أو غربية أو شرق آسيوية. ويبدو لي خليجيا، أن «الخادمة» شرّ لا بد منه، وهي مثل البطيخة، يعني حظك يا أبوالحظوظ، فقد تكون طيبة وحبابة وقد تكون قاتلة.. ولن أسرد عليكم آلاف القصص المروعة والأحداث البشعة التي تعرض لها الطرفان، أي الخادمة وأصحاب البيت، ولكني أرى أن الموضوع يجب أن تتم معالجته من دون ردود فعل تعمم على كل الجالية الإثيوبية أو على كل «الخادمات»، رغم شيوع الحوادث من هذه الجنسية تحديدا، ولكني وفق ما قرأت فإن قاتلة «سهام» خططت للجريمة وانتظرت حتى كان البيت خاليا من أهله، ولو كانت «طبيعية» لطلبت الاستقالة أو لجأت لأي طريقة لترك عملها، هذا لو كانت غير مرتاحة فيه، أما أن تقتل فتاة في ربيع عمرها بدم بارد فهذه جريمة مع سبق الإصرار والترصد، ويجب التعامل معها كحالة فردية وبأقصى العقوبة الممكنة، على الرغم من أن الحكومة الإثيوبية أوقفت العمالة للكويت، ورغم طلب النائب عبدالله التميمي منع دخول الخادمات الإثيوبيات إلى الكويت نهائيا. رحمة الله عليك يا «سهام» وألهم أهلك الصبر والسلوان.. ومن المحزن أن يكون أحد دروس الخادمات قاسيا ومؤلما إلى هذه الدرجة، حتى نفيق من غيبوبتنا، التي نستيقظ منها مؤقتا وفقط عند كلّ حدث جلل مثل هذا.
[/JUSTIFY]