انتبهوا.. أيها السادة
لا فرق بين سمانثا باور المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة وسلفها السابقة سوزان رايس التي تبادلت معها الموقع، حيث ذهبت رايس مستشارة الأمن القومي وهو المنصب الذي شغلته قبلها باور، وتعد الأخيرة من غلاة المتشددين مع رفيقتها رايس، داخل الإدارة الامريكية خاصة في ملف السودان.. غير أن سوزان كانت الأعلى صوتاً بين كل براميل العداء الأمريكي للسودان.
فالسياسة الأمريكية تجاه السودان واحدة لم تتغير، وتتأرجح بين التطرف والغلو في التشدد، وتتبادل المؤسسات الأمريكية الأدوار، إذ لم يحن الوقت بعد لترك السودان وشأنه.
فالبيان الذي قدمته سامانثا باور أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في دارفور قبل يومين، قصد منه تأجيج الأوضاع من جديد في السودان بذريعة تجدد النزاع في دارفور ووجود انتهاكات كبيرة لا يمكن التغاضي عنها، وهذا البيان حلقة من سلسلة طويلة بدأت قبل فترة بالتصريحات والأقوال، مترافقة ومصاحبة للتصعيد العسكري على الأرض تقوم به الحركات المتمردة، والغرض منه تهيئة الأوضاع لإجراءات عقابية وإدانات دولية ضد السودان أو التدخل المباشر في تغيير أوضاعه الداخلية لصالح المتمردين وما يسمى الجبهة الثورية وتحالف المعارضة المشبوهة.
كل ما حدث في جولتي التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال حول المنطقتين وإخفاق المفاوضات في الوصول لاتفاق ينهي الحرب ويجلب السلام، كان نتاج التحريض الأمريكي والتآمر على السودان ومنع استقراره، وتشجيع الحركات وما يسمى الجبهة الثورية وقطاع الشمال لمواصلة الحرب وتعطيل اتخاذ موقف قوي من مجلس السلم والأمن الإفريقي من اتخاذ مواقف وقرارات تحمِّل الحركة الشعبية قطاع الشمال مسؤولية تعطيل التفاوض وتحقيق السلام.
مهدت الإدارة الأمريكية ونسقت لما يجري الآن في دارفور، فحديث باور عن أن منبر الدوحة تجاوزه الزمن وهجومها على وثيقة الاتفاق الموقعة في العاصمة القطرية، معناه أنه لا يوجد أي مشروع للسلام في دارفور ولا وثيقة تصلح لحل قضيتها، ومنها سترجع الأمور كلها إلى نقطة الصفر والمربع الأول.
ولا يمكن فصل التصريحات والخطوات والتحريضات الأمريكية عن الأحداث التي تجري على الأرض في دارفور، فواشنطون هي من أعطت الإشارة لهذه الحركات ببدء الهجمات على المدن والقرى والأرياف، فقد كانت المعلومات ترد قبل فترة ليست بالقصيرة قبيل وبعد انفجار الأوضاع في دولة جنوب السودان، تتحدث عن الدعم التسليحي ووسائل الحركة ووسائل الاتصالات المتطورة ومعدات الحرب، التي وصلت للحركات المتمردة والجبهة الثورية عبر يوغندا ودولة الجنوب، وتم تجهيز قوات الحركات الدارفورية لمهمة جديدة ظهرت خلال الأيام الفائتة، ومنها الهجوم على محليات شمال دارفور ومناطق شرق جبل مرة ومناطق في جنوب دارفور جنوب السكة حديد.
فالغرض معروف، وهو تسخين الأوضاع وتهيئتها حتى تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية وصويحباتها الغربيات استصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي ومنظمات إقليمية تعيد إحياء قضية دارفور وصناعة حالة استقطاب دولي كما كان في السابق تعجل بسقوط النظام في الخرطوم أو محاصرته والضغط عليه ليقدم كل التنازلات المطلوبة.
إذا كان الهدف واضحاً، فعلى الحكومة ألا تقف مكتوفة الأيدي، وعليها التحرك الفوري وتنسيق عملها في الميدان وحسم جيوب التمرد بسرعة، وتنفيذ خطة عملياتية محكمة لضرب كل معاقل المتمردين وإخراجهم من المناطق التي سيطروا عليها قبل عدة سنوات في جبل مرة وأقصى شمال دارفور، وفرض هيبة الدولة وإحلال السلام واستكمال تطبيق وثيقة سلام الدوحة، وتقديم تجربة عملية على الأرض مؤداها النهائي هو جدوى السلام وأهميته وإشاعة الطمأنينة التي تكاد تضيع.
كما ينبغي على الحكومة ألا تهمل العمل الدبلوماسي والاتصالات الخارجية، وخطورة ترك وسائل الإعلام العالمي تتناول هذه القضية من دون أن تتصدى الدولة السودانية للترهات والاعتداءات التي تحاول صناعة صورة جديدة سالبة عن السودان ووصمه بالانتهاكات والحرب والدولة الفاشلة.. يجب أن يتم التحرك الفوري وتشغيل ماكينة الدبلوماسية السودانية والإعلام لمحاصرة الحملة الجائرة ضد بلدنا على المستويين الإقليمي والدولي.
فهذه الموجة الجديدة من الاستهداف خطيرة للغاية، لأنها هذه المرة منسقة ومنظمة بدقة، وبدأت قبل فترة، وتكاملت معها إجراءات إقليمية تتعلق بالجانب الاقتصادي ومواقف بعض الدول الشقيقة المضللة، وينبغي عدم إهمال هذه الجوانب المهمة في هذه المعركة التي يُراد لها أن تكون فاصلة!!
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة