الطاهر ساتي

قمة الدوحة ..( جزء من الكل ) …!!

[ALIGN=CENTER]قمة الدوحة ..( جزء من الكل ) …!! [/ALIGN] ** قمة الدوحة العربية تحولت قبل موعدها إلي هلال مريخ آخر في ساحة السياسة السودانية ..الرئيس سيسافر ، لا لن يسافر .. عبد الله مسار ، مستشار الرئيس ، : الحكومة لم تقرر بعد مشاركة الرئيس في القمة من عدمها .. ولكن ، علي كرتي ، وزير الدولة بالخارجية ، قبل شهر : الرئيس سيشارك فى القمة .. ولكن ، محجوب فضل بدري ، السكرتير الصحفى بالقصر ، قبل يومين : الحكومة لم تحسم أمر مشاركة الرئيس فى القمة .. بيد أن مصطفى عثمان ، مستشار الرئيس ، قبل أسبوعين : الرئيس سيشارك فى قمة الدوحة .. وهناك المشير سوار الذهب ، رئيس منظمة الدعوة الإسلامية ، ينصح الرئيس بعدم المشاركة .. ثم خطيبا يطالب مجمع الفقه الإسلامي باصدار فتوى تمنع مشاركة الرئيس فى القمة .. وأسرة الرئيس ، بزعامة الطيب مصطفى ، تجتمع وتنصح الرئيس بعدم السفر .. ولجنة مناصرة بحى كوبر تعتصم وتصدر بيانا للضغط على الرئاسة بالغاء سفر الرئيس ..وهيئة إسمها هيئة الإفتاء السودانية تفتي بعدم سفر الرئيس إلي الدوحة ، لأن أبوبكر الصديق رضي الله عنه لم يسافر إبان حروب الردة ..و..و..هذا ما رصدته من سوق سجال ، وربما هناك ما فات علي الرصد ، وكذلك ربما من لم يدلو بدلوه بعد منتظرا قادمات الأيام ليظهر ، روابط الناشئين بأمدرمان مثلا ، أو إتحاد الحرفيين بشمال كردفان على سبيل المثال .. !!
** وهكذا تحولت القمة التي ملتقاها يهم كل العرب من المحيط إلي الخليج ، إلي لقاء هلال مريخ تتجادل في نتيجته المساطب والمدرجات ، كل على هواها ..وكل هذا العك أوالسجال السطحي مرده أن بعضا في مؤسسات الدولة قرر سفر الرئيس بلا دراسة أويحزنون ، ثم صرح بقراره الإرتجالي لوسائل الإعلام في الأسبوع الأول من مارس هذا ، أى في ذات أسبوع قرار محكمة لاهاي ، تحت مظان أن إرتجاليته هذه تصلح لكل مكان ولكل زمان ، وفيما بعد – أى هذه الأيام – صمت هذا البعض ، تاركا الناس في هذا السجال .. وهذا البعض الذي أكد سفر الرئيس قبل أسابيع ، هم أس البلاء السياسي الراهن ، حيث يتكلم أحدهم بلا تفكير حبا في الكلام ليس إلا ، ثم يقرر متحديا بلا دراسة لأبعاد القرار عشقا للتحدي فقط لاغير ، وفي خاتمة المطاف يحدث مايحدث حاليا ، صمت ثم مناورة ثم مراجعة أو قل : تراجع .. وبالتأكيد التصرف الأحادي السطحي لهذا البعض المرتجل يحسب على الحكومة ثم على الدولة السودانية ، حيث تبدو مظرها للرأى العام العالمي بأنها فى ( تفور ثم تتراجع ) ..والنماذج كثيرة ، لاداع لإعادتها ولكن آخرها هو : مشاركة الرئيس التى فيها ..( يتساجلون ) ..!!
** والتلميح ثم التصريح بمشاركة الرئيس في قمة الدوحة ، ما كان يجب أن يكون رد فعلا في تلك اللحظة ، أي فى لحظة قرار المحكمة ، وما كان يجب إتخاذ قمة الدوحة تحديا للمحكمة وغيرها ، فالدوحة مكانا وزمانا ومناسبة لا تصلح أن تكون تحديا ، فالتحدى هنا ، نعم فى الخرطوم ، بتوحيد الجبهة الداخلية بالتصالح معها وبسط الامن والسلام والعدالة والديمقراطية فى دارفوروكل السودان بارادة وطنية تجنب البلد مخاطر لاهاى وكل الأطراف الأجنبية ، ومن قصر النظر السياسي أن يتخذ البعض قمة الدوحة وغيرها من المناسبات العابرة تحديا لقرار كهذا ، فهل مشاركة الرئيس فيها ستلغي القرار وما بعد القرار ؟.. لا ، قمة الدوحة ما هي إلا جزء من الكل وكذلك ما هي إلا أعراض جانبية لمرض القرار ، فلتهتم مؤسسات الدولة بهذا الكل وليس بالأجزاء ، أي تحدق في مرض القرار ومعالجاته وليس فى أعراضه الجانبية ومهدئاتها .. نعم ، يجب مجابهة القرار ومابعده بسياسة داخلية رشيدة تحقق الغايات الوطنية المرتجاة ..وأذكر أن صحفيا سأل نائب الرئيس ، على عثمان محمد طه ، في مؤتمره الصحفي مساء الربع من مارس ، عن مشاركة الرئيس في قمة الدوحة ، وكان رده نصا : الحديث عن مشاركة الرئيس فى القمة سابق لأوانه ، ولكن الرئيس سيواصل في ممارسة كل سلطاته الدستورية وصلاحياته الكاملة ..هكذا كان رد النائب ، وأحسبه ردا سياسيا حكيما تعمد أن يترك فيه الباب مواريا لكل الإحتمالات لحين الدراسة ثم إتخاذ القرار المناسب ، وهكذا السياسة والدبلوماسبة : حيث لا تأتي بنعم ولا بلا ، في أية قضية قبل دراسة كل جوانبها ، وتكتفي بالمناورة لحين الدراسة ومعرفة الربح والخسارة .. ولكن جماعة ( على الطلاق بالتلاتة الرئيس يسافر ) هى التي سدت قرص الشمس – في أسبوع قرار المحكمة – بثرثرتها التى ذهبت جفاء ، ليبقى حاليا ( قرار مشاركة الرئيس لم يحسم بعد ) .. وأرجو أن يكون هذا درسا أخيرا لتلك الجماعة ، لكى تتعلم منه بأن الإرتجال شئ والقرار السياسي شئ آخر ، وتعرف أيضا بأن الأخير هذا بحاجة إلي ( دراسة ومعرفة وحنكة ) ..!!
إليكم – الصحافة الاثنين 23/03/2009 .العدد 5652